والصحيح أنها تعم هؤلاء وهؤلاء، وذلك أن أولئك (?) كانوا في حياتهم يبتغون إلى ربهم الوسيلة، وهو لم يقيد ذلك بزمن النزول بل أطلق، وإذا قال القائل: آدم ونوح وإبراهيم وموسى يعبدون الله ولا يشركون به، عُلم أن مراد هذا دينهم، قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ} [المائدة: 44]، كان حكم [النبيون] بها قبل نزول الآية بدهر.

والعرب تقول: مرض (?) حتى لا يرجونه، وشربت الإبل حتى يجيء البعير فيقول برأسه كذا، ومنه قراءة من قرأ: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} [البقرة: 214] وهذا ماض (?)، وقد قال -تعالى-: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: 58]، وهذا قد مضى قبل نزول القرآن والفعل مضارع لأنه حكى حالهم في الماضي.

ولهذا يقول النحاة: هذا حكاية حال (?)، كقوله: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ} [الكهف: 18]، فإن قيل: المعروف في مثل هذا أن يقال كانوا يفعلون (?)، كما قال -تعالى-: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} [الأنبياء: 90].

قيل: لكن إذا كان في الكلام ما يبيّن المراد لم يحتج إلى ذلك، لا سيما إذا ذكر ماضٍ وحاضر عمهم الخطاب فهنا يتعين حذف كان، لأن المقصود الإخبار عن حال هؤلاء الحاضرين لا يخبر عنهم بكان، كما تقول: المؤمنون من الأولين والآخرين يعبدون الله لا يشركين به، (وإذا أفردت الماضي قلت: المؤمنون كانوا يعبدون الله لا يشركون به) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015