أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} [النساء: 153]، ولو كان يجوز السؤال له (?) والاستغاثة به في كلّ ما يُسأل الله ويستغاث به فيه، -كما قال هؤلاء المفترون: إنّه تجوز الاستغاثة به وبغيره من الصالحين في كلّ ما يستغاث الله فيه-، لم يحرم من مسألته إِلَّا ما يحرم من مسألة الله، والعبد يجوز أن يسأل الله الرزق والعافية والنصر على الأعداء والهداية، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز أن يسأله أحد كلّ ما (?) يقدر، فضلًا عن أن يسأله ما لا يقدر عليه؛ لما في ذلك من الأذى والعدوان عليه، وهو أحق بالتعزير والتوقير من غيره، فإذا كان يحرم أذى غيره بذلك؛ فأذاه أولى (?) بالتحريم، بل أذاه كفر، وأذى المؤمنين ذنب، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58)} [الأحزاب: 57، 58].
قال: (وكثيرًا ما تنفى الأشياء في النصوص الشرعية إشارة إلى التّوحيد، ويثبتها الباري -سبحانه- في مواضع أخر اعتبارًا بالأسباب، وإثباتًا لبساط الحكمة، فيأتي هذا المبتدع (?) فيخلط في الحقائق ويلحد في الآيات، كما قال في الإغاثة والنصرة وغيرهم أنّها لا تصح في الخلق ولا يسألونها ولا تضاف إليهم، وأخطأ في ذلك، فإن هذه الحقائق تبتت للمخلوقات حقيقة لغوية بإجماع العلّماء ونصوص الكتاب والسُّنَّة اعتبارًا بالسبب والحكمة، وتنفى عن الخلق إشارة للتوحيد وانفراد الباري بخلقها، كما انفرد بخلق غيرها، كما قال سبحانه من بساط التّوحيد: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران: 126]، وقال -عز وجل-: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (?) [القصص: 56]، وقال: