المودع أن يردّ عليه وديعته، وأن يعطيه حقه من الميراث والمغنم ونحو ذلك.
وعلى هذا فليس للسائل أن يسأل من لا فضل عنده، وليس له أن يتعدى في السؤال على الناس، وليس له أن يجزع ويعدل عن الصبر الجميل، وعليه أن يرغب إلي الله ويتوكل عليه بها وحينئذٍ فلا يكون قد أنزلها بالناس، مع أن القول الأوّل وهو عدم وجوب السؤال أظهر، فإن النصوص تقتضي أن ترك سؤال الخلق أفضل مطلقًا (?)، ولهذا قال النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - في صفة السبعين ألفًا: "هم الذين لا يسترقون"، والمسترقي يطلب الدُّعاء (?) من الراقي، وقد قال - تعالى-: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 2، 3]، فقد بين أنّه كافي من توكل عليه، وأنّه لا بد أن يرزق المتقي، من حيث لا يحتسب (?)، والميِّتة رزق ساقه الله إليه عند الضّرورة فليس له أن يمتنع من أكله فيعين على قتل نفسه، ولو أتاه مال من غير مسألة ولا إشراف نفس أخذه (?)، وهذا كله يدلُّ على أن سؤال الخلق والاستغاثنة بهم حرام في الأصل؛ لا يباح إِلَّا لضرورة، وهو في الأظهر أشد تحريمًا من الميِّتة.