تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27) وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28)} [الإسراء: 26 - 28]، فأمره (?) تعالى إذا لم يجد ما يعطي السائل أن يقول له قولًا ميسورًا، وفي صفته أنّه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا آتاه طالب حاجة لم يرده إِلَّا بها أو بميسور من القول (?)، وقد قال -تعالى-: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} [البقرة: 263]، وقال -تعالى-: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10)} [الضحى: 9، 10]. ولما قدم عليه وفد هوازن مسلمين سألوه أن يردّ عليهم السبي والمال، فقال: "أحب الحديث إليَّ أصدقه ومعي من ترون، فاختاروا إحدى الطائفتين: إمّا السبي وإما المال" (?)، فهو تارة يسأل ما يقدر عليه، وتارة ما لا يقدر عليه.

فهذا الحديث -إنَّ كان صحيحًا- فقد سأله بعض أصحابه أن يدفع عنهم ضرر ذلك المنافق، فأخبرهم أنّه لا يقدر عليه بل يطلب ذلك من الله، كما أن عمر بن الخطّاب (?) كتب إليه أبو عبيدة بن الجراح عام اليرموك يستنصره على الكفار، ويخبره أنّه قد نزل بهم جموع لا طاقة لهم بها، فلما وصل كتابه بكى النَّاس، (وكان من أشدهم عبد الرّحمن بن عوف وأشار على عمر أن يخرج بالناس) (?)، فرأى عمر أن ذلك لا يمكن، وكتب إليه (?): "مهما ينزل بامرئ مسلم من شدة فينزلها بالله يجعل الله (?) له فرجًا ومخرجًا، فإذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015