وبينما هم في مفاجأة السؤال الذي ينقل مشاعرهم إلى تصور الخطر وتوقعه، تفجؤهم الآية التالية بوقوعه فعلا .. وهو لم يقع بعد .. ولكن التصور القرآني يرسمه واقعا، ويغمر به المشاعر، ويلمس به الوجدان: «أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ؟ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ؟!».
فكأنما قد وقع. وكأنما قد آمنوا به، وكأنما يخاطبون بهذا التبكيت في مشهد حاضر يشهدونه الآن! وتتمة المشهد الحاضر: «ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا: ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ. هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ؟» ..
وهكذا نجدنا مع السياق في ساحة الحساب والعذاب، وقد كنا منذ لحظات وفقرات في الدنيا نشهد خطاب اللّه لرسوله عن هذا المصير!!
وختام هذه الجولة، هو استنباء القوم للرسول: إن كان هذا الوعيد حقا. فهم مزلزلون من الداخل تجاهه يريدون أن يستوثقوا وليس بهم من يقين. والجواب بالإيجاب حاسم مؤكد بيمين: «وَيَسْتَنْبِئُونَكَ: أَحَقٌّ هُوَ؟ قُلْ: إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ» .. «إِي وَرَبِّي» .. الذي أعرف قيمة ربوبيته فلا أقسم به حانثا، ولا أقسم به إلا في جد وفي يقين .. «إِنَّهُ لَحَقٌّ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ» .. ما أنتم بمعجزين أن يأتي بكم، وما أنتم بمعجزين أن يحاسبكم، وأن يجازيكم." (?)