الحال والوقت، ثم دخلت عليه همزة الاستفهام. فصار «أالآن» ثم صارت الهمزتان همزة مدّ، أي: آلآن تؤمنون به بعد أن وقع؟." (?)
" وإذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا، فهو لا يملك لهم الضر والنفع بطبيعة الحال. (و قد قدم ذكر الضر هنا، وإن كان مأمورا أن يتحدث عن نفسه، لأنهم هم يستعجلون الضر، فمن باب التناسق قدم ذكر الضر. أما في موضع آخر في سورة الأعراف فقدم النفع في مثل هذا التعبير، لأنه الأنسب أن يطلبه لنفسه وهو يقول: ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسي السوء).
«قُلْ: لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً .. إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ .. ».فالأمر إذن للّه يحقق وعيده في الوقت الذي يشاؤه. وسنة اللّه لا تتخلف، وأجله الذي أجله لا يستعجل: «لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ، إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ» ..
والأجل قد ينتهي بالهلاك الحسي. هلاك الاستئصال كما وقع لبعض الأمم الخالية. وقد ينتهي بالهلاك المعنوي. هلاك الهزيمة والضياع. وهو ما يقع للأمم، إما لفترة تعود بعدها للحياة، وإما دائما فتضمحل وتنمحي شخصيتها وتنتهي إلى اندثارها كأمة، وإن بقيت كأفراد .. وكل أولئك وفق سنة اللّه التي لا تتبدل، لا مصادفة ولا جزافا ولا ظلما ولا محاباة. فالأمم التي تأخذ بأسباب الحياة تحيا والأمم التي تنحرف عنها تضعف أو تضمحل أو تموت بحسب انحرافها. والأمة الإسلامية منصوص على أن حياتها في اتباع رسولها، والرسول يدعوها لما يحييها. لا بمجرد الاعتقاد، ولكن بالعمل الذي تنص عليه العقيدة في شتى مرافق الحياة. وبالحياة وفق المنهج الذي شرعه اللّه لها، والشريعة التي أنزلها، والقيم التي قررها. وإلا جاءها الأجل وفق سنة اللّه ..
ثم يبادرهم السياق بلمسة وجدانية تنقلهم من موقف السائل المستهزئ المتحدي، إلى موقف المهدّد الذي قد يفاجئه المحظور في كل لحظة من الليل أو النهار: «قُلْ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً، ماذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ؟» .. لا يجديكم في رده الصحو .. ما الذي يستعجل منه المجرمون؟ وهو عذاب لا خير لهم في استعجاله على كل حال.