الصلاة على الميت:
قال الطحاوي في شرح مشكل الآثار: بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيمَنْ صَلَّتْ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتَى جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَشَفَعُوا لَهُ أَنَّهُمْ يَشْفَعُونَ فِيهِ إذَا كَانَ لَهُمْ عَدَدٌ ذُكِرَ مِقْدَارُهُ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ
عن عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ رَضِيعِ عَائِشَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ أَنْ يَكُونُوا مِائَةً فَيَشْفَعُوا لَهُ إلَّا شُفِّعُوا فِيهِ "
وعَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: " لَا يَمُوتُ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَتُصَلِّيَ عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ أَنْ يَكُونُوا مِائَةً فَيَشْفَعُوا لَهُ إلَّا شُفِّعُوا فِيهِ "
وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ النَّاسِ يَبْلُغُونَ أَنْ يَكُونُوا مِائَةً إلَّا شُفِّعُوا فِيهِ "
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: " مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِائَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غُفِرَ لَهُ "
وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي عَدَدِ الْجَمَاعَةِ الْمُشَفَّعِينَ فِي هَذَا الْمَعْنَى
فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ مَاتَ ابْنٌ لَهُ بِقُدَيْدٍ أَوْ بِعُسْفَانَ فَقَالَ لِكُرَيْبٍ: انْظُرْ مَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنَ النَّاسِ قَالَ: فَخَرَجْتُ فَإِذَا نَاسٌ قَدِ اجْتَمَعُوا قَالَ: أَخْرِجُوهُ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جِنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيْئًا إلَّا شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ " وَوَجَدْنَا عَنْ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا يُوَافِقُ مَا رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيُخَالِفُ مَا رَوَيْنَاهُ فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فعَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: " مَا مِنْ مَيِّتٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ أَنْ يَكُونُوا مِائَةً يَشْفَعُونَ إلَّا شُفِّعُوا فِيهِ " قَالَ سَلَّامٌ: فَحَدَّثْتُ بِهِ شُعَيْبَ بْنَ الْحَبْحَابِ فَقَالَ: حَدَّثَنِي بِهِ أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ. "
فَقَالَ قَائِلٌ: مِنْ أَيْنَ جَاءَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ. فَكَانَ جَوَابَنَا عَنْ ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اللهُ جَادَ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْغُفْرَانِ لِمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِائَةٌ مِنْهُمْ بِشَفَاعَتِهِمْ لَهُ , ثُمَّ جَادَ لَهُ بِالْغُفْرَانِ بِشَفَاعَةِ أَرْبَعِينَ مِنْهُمْ فَكَانَ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِذَلِكَ هُوَ آخِرُ مَا كَانَ مِنْهُ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا جَادَ بِسَبَبِهِ بِالْغُفْرَانِ لِلْمُصَلَّى عَلَيْهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِشَفَاعَتِهِمْ وَكَانَ خَبَرُ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ مُتَقَدِّمَيْنِ لِذَلِكَ فَقَالَ: وَلِمَ حَمَلْتَ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْتَ وَلَمْ تَحْمِلْهُ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ هُمَا الْمُتَأَخِّرَانِ وَحَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ الْمُتَقَدِّمُ. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ عَنْ ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ أَنَّ اللهَ لَيْسَ مِنْ صِفَتِهِ أَنْ يَجُودَ بِغُفْرَانٍ بِمَعْنًى , ثُمَّ يَرْجِعَ عَنِ الْغُفْرَانِ بِذَلِكَ الْمَعْنَى وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَجُودَ بِالْغُفْرَانِ بِمَعْنًى , ثُمَّ يَجُودَ بِالْغُفْرَانِ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَبِأَيْسَرِهِ عَلَى خَلْقِهِ الَّذِينَ جَادَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَبَانَ بِمَا ذَكَرْنَا الْوَجْهُ الَّذِي جَاءَ مِنْهُ اخْتِلَافُ الْعَدَدَيْنِ فِي الْآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ " (?)