المبحثُ الثالث والأربعون
الحث على صنع الطعام لأهل الميت
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اصْنَعُوا لآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَإِنَّهُ قَدْ أَتَاهُمْ أَمْرٌ شَغَلَهُمْ». أخرجه أبو داود (?)
يُسْتَحَبُّ إِعْدَادُ طَعَامٍ لأَِهْل الْمَيِّتِ، يُبْعَثُ بِهِ إِلَيْهِمْ إِعَانَةً لَهُمْ وَجَبْرًا لِقُلُوبِهِمْ، فَإِنَّهُمْ شُغِلُوا بِمُصِيبَتِهِمْ وَبِمَنْ يَأْتِي إِلَيْهِمْ عَنْ إِصْلاَحِ طَعَامٍ لأَِنْفُسِهِمْ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرٍ قَال رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: اصْنَعُوا لأَِهْل جَعْفَرٍ طَعَامًا. فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ. (وَاشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ فِيمَنْ يُصْنَعُ لَهُمْ طَعَامٌ، أَلاَّ يَكُونُوا قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى نِيَاحَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَإِلاَّ حَرُمَ إِرْسَال طَعَامٍ لَهُمْ، لأَِنَّهُمْ عُصَاةٌ، وَكَرِهَ الْفُقَهَاءُ إِطْعَامَ أَهْل الْمَيِّتِ لِلنَّاسِ، لأَِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فِي السُّرُورِ لاَ فِي الشُّرُورِ. (?).
قال الجزيري رحمه الله في الفقه على المذاهب الأربعة: "ومن البدع المكروهة ما يفعل الآن من ذبح الذبائح عند خروج الميت، من البيت، أو عند القبر، وإعداد الطعام لمن يجتمع للتعزيه: وتقديمه لهم كما يفعل ذلك في الأفراح ومحافل السرور وإذا كان في الورثة قاصر عن درجة البلوغ، حرم إعداد الطعام وتقديمه، روى الإمام أحمد، وابن ماجة عن جرير بن عبد الله قال: "كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعهم الطعام من النياحة". أما إعداد الجيران والأصدقاء طعاماً لأهل الميت وبعثه لهم، فذلك مندوب، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اصنعوا لآل جعفر طعاماً، فقد جاءهم ما يشغلهم"، ويلح عليهم في الأكل، لأن الحزن قد يمنعهم منه (?) ..