المبحثُ الثاني والثلاثون
من لا يسأل في القبر وما ينجي من عذاب القبر
عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِى قُبُورِهِمْ إِلاَّ الشَّهِيدَ قَالَ «كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً». أخرجه النسائي (?)
قال المناوي في فيض القدير: (6248) (كفى ببارقة السيوف) أي بلمعانها قال الراغب: البارقة لمعان السيف (على رأسه) يعني الشهيد (فتنة) فلا يفتن في قبره ولا يسأل إذ لو كان فيه نفاق لفرَّ عند التقاء الجمعين فلما ربط نفسه للّه في سبيله ظهر صدق ما في ضميره وظاهره اختصاص ذلك بشهيد المعركة لكن أخبار الرباط تؤذن بالتعميم.
<تنبيه> قال القرطبي: إذا كان الشهيد لا يفتن فالصديق أجل قدراً وأعظم أجراً فهو أحرى أن لا يفتن لأنه المقدم في التنزيل على الشهداء {أولئك الذين أنعم اللّه عليهم من النبيين والصديقين والشهداء} وقد جاء في المرابط الذي هو أقل رتبة من الشهيد أنه لا يفتن فكيف بمن هو أعلى منه وهو الشهيد.
وعَنِ سَلْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِى كَانَ يَعْمَلُهُ وَأُجْرِىَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ وَأَمِنَ الْفَتَّانَ». أخرجه مسلم (?)
قال النووي: هَذِهِ فَضِيلَة ظَاهِرَة لِلْمُرَابِطِ، وَجَرَيَان عَمَله بَعْد مَوْته فَضِيلَة مُخْتَصَّة بِهِ، لَا يُشَارِكهُ فِيهَا أَحَد.
وعَنِ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ مَاتَ مُرَابِطًا فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَجْرَى عَلَيْهِ أَجْرَ عَمَلِهِ الصَّالِحِ الَّذِى كَانَ يَعْمَلُ وَأَجْرَى عَلَيْهِ رِزْقَهُ وَأَمِنَ مِنَ الْفَتَّانِ وَبَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ آمِنًا مِنَ الْفَزَعِ».أخرجه ابن ماجه (?)