المبحث الثامن فضل الموت

المبحثُ الثامن

فضل الموت

قال العلماء: الموت ليس بعدم محض، ولا فناء صرف، وإنما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن، ومفارقة وحيلولة بينهما، وتبدل حال وانتقال من دار لدار.

عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ الْمَوْتُ وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْفِتْنَةِ وَيَكْرَهُ قِلَّةَ الْمَالِ وَقِلَّةُ الْمَالِ أَقُلُّ لِلْحِسَابِ». أخرجه أحمد (?)

وعَنِ أَبِى قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِىٍّ الأَنْصَارِىِّ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ فَقَالَ: «مُسْتَرِيحٌ، وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ قَالَ: «الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلاَدُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ» أخرجه الشيخان (?)

قَالَ اِبْن التِّين. يَحْتَمِل أَنْ يُرِيد بِالْمُؤْمِنِ التَّقِيّ خَاصَّة وَيَحْتَمِل كُلّ مُؤْمِن. وَالْفَاجِر يَحْتَمِل أَنْ يُرِيد بِهِ الْكَافِرَ وَيَحْتَمِل أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ الْعَاصِي. وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: أَمَّا اِسْتِرَاحَةُ الْعِبَادِ فَلِمَا يَأْتِي بِهِ مِنَ الْمُنْكَرِ فَإِنْ أَنْكَرُوا عَلَيْهِ آذَاهُمْ وَإِنْ تَرَكُوهُ أَثِمُوا وَاسْتِرَاحَة الْبِلَاد مِمَّا يَأْتِي بِهِ مِنَ الْمَعَاصِي فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ الْجَدْبُ فَيَقْتَضِي هَلَاكَ الْحَرْثِ وَالنَّسْلِ. وَتَعَقَّبَ الْبَاجِيّ أَوَّلَ كَلَامِهِ بِأَنَّ مَنْ نَالَهُ أَذَاهُ لَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ يُنْكِر بِقَلْبِهِ أَوْ يُنْكِر بِوَجْهٍ لَا يَنَالُهُ بِهِ أَذًى وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِرَاحَةِ الْعِبَادِ مِنْهُ لِمَا يَقَع لَهُمْ مِنْ ظُلْمِهِ وَرَاحَةُ الْأَرْضِ مِنْهُ لِمَا يَقَع عَلَيْهَا مِنْ غَصْبِهَا وَمَنْعِهَا مِنْ حَقِّهَا وَصَرْفِهِ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ وَرَاحَة الدَّوَابِّ مِمَّا لَا يَجُوزُ مِنْ إِتْعَابِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015