شَيْء مِنْ تَصَرُّفَاته بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاء. وَقَوْله - صلى الله عليه وسلم -: (لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا أَلَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمُرَاد بِهِ الْوَارِث، وَقَالَ غَيْره: الْمُرَاد بِهِ سَبَقَ الْقَضَاء بِهِ لِلْمُوصَى لَهُ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمَعْنَى أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ عَنْ تَصَرُّفه وَكَمَال مِلْكِهِ وَاسْتِقْلَاله بِمَا شَاءَ مِنْ التَّصَرُّف فَلَيْسَ لَهُ فِي وَصِيَّته كَبِير ثَوَاب بِالنِّسْبَةِ إِلَى صَدَقَة الصَّحِيح الشَّحِيح (?).

وعَنِ أَبِى حَبِيبَةَ الطَّائِىِّ قَالَ أَوْصَى إِلَىَّ أَخِى بِطَائِفَةٍ مِنْ مَالِهِ فَلَقِيتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَقُلْتُ إِنَّ أَخِى أَوْصَى إِلَىَّ بِطَائِفَةٍ مِنْ مَالِهِ فَأَيْنَ تَرَى لِى وَضْعَهُ فِى الْفُقَرَاءِ أَوِ الْمَسَاكِينِ أَوِ الْمُجَاهِدِينَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ أَمَّا أَنَا فَلَوْ كُنْتُ لَمْ أَعْدِلْ بِالْمُجَاهِدِينَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَثَلُ الَّذِى يُعْتِقُ عِنْدَ الْمَوْتِ كَمَثَلِ الَّذِى يُهْدِى إِذَا شَبِعَ (?)». رواه الترمذي (?)

قَوْلُهُ: (أَمَّا أَنَا فَلَوْ كُنْت لَمْ أَعْدِلْ بِالْمُجَاهِدِينَ) أَيْ لَمْ أُسَاوِ بِهِمْ الْفُقَرَاءَ أَوْ الْمَسَاكِينَ وَغَيْرَهُمْ. وَالْمَعْنَى لَوْ كُنْت أَنَا مُوصِيًا لَمْ أُوصِ إِلَّا لِلْمُجَاهِدِينَ (مَثَلُ الَّذِي يُعْتِقُ) وَفِي رِوَايَةٍ يَتَصَدَّقُ (عِنْدَ الْمَوْتِ) أَيْ عِنْدَ اِحْتِضَارِهِ. وَفِي الْمِشْكَاةِ: مَثَلُ الَّذِي يَتَصَدَّقُ عِنْدَ مَوْتِهِ يُعْتِقُ (كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي إِذَا شَبِعَ) قَالَ الطِّيبِيُّ: فِي هَذَا الْإِهْدَاءِ نَوْعُ اِسْتِخْفَافٍ بِالْمُهْدَى إِلَيْهِ اِنْتَهَى.وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مَرْتَبَةٌ نَاقِصَةٌ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ وَالْإِعْتَاقَ حَالَ الصِّحَّةِ أَفْضَلُ، كَمَا أَنَّ السَّخَاوَةَ عِنْدَ الْمَجَاعَةِ أَكْمَلُ قَالَهُ الْقَارِي (?).

وعَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ الَّذِى يُعْتِقُ عِنْدَ الْمَوْتِ كَمَثَلِ الَّذِى يُهْدِى إِذَا شَبِعَ» رواه أبو داود (?)

وفي عون المعبود: (إِذَا شَبِعَ): لِأَنَّ أَفْضَل الصَّدَقَة إِنَّمَا هِيَ عِنْد الطَّمَع فِي الدُّنْيَا وَالْحِرْص عَلَى الْمَال فَيَكُون مُؤْثِرًا لِآخِرَتِهِ عَلَى دُنْيَاهُ صَادِرًا فِعْلُهُ عَنْ قَلْب سَلِيم وَنِيَّة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015