السبب هو أن المهاجرين هم الذين كان بعضهم تأخذه الحماسة والاندفاع، لدفع أذى المشركين - وهم في مكة - في وقت لم يكن مأذونا لهم في القتال - فقيل لهم: «كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ» ..
وحتى لو أخذنا في الاعتبار ما عرضه أصحاب بيعة العقبة الثانية الاثنان والسبعون على النبي - صلى الله عليه وسلم - من ميلهم على أهل منى - أي قتلهم - لو أمرهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - ورده عليهم: «إننا لم نؤمر بقتال» .. فإن هذا لا يجعلنا ندمج هذه المجموعة من السابقين من الأنصار - أصحاب بيعة العقبة - في المنافقين، الذين تتحدث عنهم بقية الآيات. ولا في الضعاف الذين تصفهم المجموعة الأولى. فإنه لم يعرف عن هؤلاء الصفوة نفاق ولا ضعف رضي اللّه عنهم جميعا.
فأقرب الاحتمالات هو أن تكون هذه المجموعة واردة في بعض من المهاجرين، الذين ضعفت نفوسهم - وقد أمنوا في المدينة وذهب عنهم الأذى - عن تكاليف القتال .. وألا تكون بقية الأوصاف واردة فيهم، بل في المنافقين. لأنه يصعب علينا - مهما عرفنا من ظواهر الضعف البشري - أن نسم أي مهاجر من هؤلاء السابقين بسمة رد السيئة إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - دون الحسنة! أو قول الطاعة وتبييت غيرها ..
وإن كنا لا نستبعد أن توجد فيهم صفة الإذاعة بالأمر من الأمن أو الخوف. لأن هذه قد تدل على عدم الدربة على النظام، ولا تدل على النفاق ..
والحق .. أننا نجد أنفسنا - أمام هذه الآيات كلها - في موقف لا نملك الجزم فيه بشيء. والروايات الواردة عنها ليس فيها جزم كذلك بشيء .. حتى في آيات المجموعة الأولى. التي ورد أنها في طائفة من المهاجرين كما ورد أنها في طائفة من المنافقين!
ومن ثم نأخذ بالأحوط في تبرئة المهاجرين من سمات التبطئة والانخلاع مما يصيب المؤمنين من الخير والشر.
التي وردت في الآيات السابقة. (?) ومن سمة إسناد السيئة للرسول - صلى الله عليه وسلم - دون الحسنة، ورد هذه وحدها إلى اللّه! ومن سمة تبييت غير الطاعة .. وإن كانت تجزئة سياق الآيات