أشرب شرابًا حتى أَذْكُرَ ما قلت لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ونحن كُنَّا نُؤْذَى ونخاف، وسأذكر ذلك للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأسأله واللَّه لا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد عليه، فلما جاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قالت: يا نبي اللَّه إن عمر قال كذا وكذا، قال: (فما قلت له؟) قالت: قلت له كذا وكذا، قال: (ليس بأحق بي منكم، وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان)، قالت: فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يَأْتُونِي أرسَالًا يسألوني عن هذا الحديث ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال أبو بردة قالت أسماء: فلقد رأيت أبا موسى وإنه ليستعيد هذا الحديث مني) (?).
وهذا الحديث يكشف لنا جانبًا من حال الصحابة رضوان اللَّه عليهم في الحبشة، فأسماء بنت عميس -رضي اللَّه عنها- وصفت أهل الحبشة بالبعداء والبغضاء، وبينت لعمر -رضي اللَّه عنه- أنهم كانوا يتعرضون للإيذاء والخوف، فهم هاجروا من مكة حيث الاستضعاف الكلي إلى الحبشة حيث الاستضعاف الجزئي.
وقد يبدو ما ذكرته أسماء -رضي اللَّه عنها- معارضًا لما قاله النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: (لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق، حتى يجعل اللَّه لكم فرجا) (?)، وكذلك لحديث أم سلمة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حين قالت: (لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار النجاشي أمنا على ديننا وعبدنا اللَّه لا نؤذى ولا نسمع شيئا نكرهه)، ثم ذكرت