لعل من أحدث الدراسات التي يعنى بها الآن دراسة المناهج للعلوم المختلفة وتطبيقاتها، وإذا كان المختصون بدارسة مناهج البحث في العلوم يولون أهمية كبرى لما يجدونه من تحديد دقيق لهذه المناهج لدى مفكري أوروبا المحدثين، فمن الأجدر بهم أن يبحثوا عن أصول لهذه المناهج في تاريخ الفكر الإسلامي حتى ينسبوا الفضل إلى أهله، ولقد قام المرحوم الدكتور محمود قاسم بإلقاء بحث عن دور العرب في تحديد مناهج العلوم الإنسانية، كشف فيه زيف ما يدعيه المستشرقون من أن العرب ليس لهم فضل يُذكَر في هذا المجال.
ولا يتسع المجال هنا لعرض تفاصيل ما قام به العرب من دور هام في تحديد مناهج العلوم؛ لأن هذه المناهج كانت مطبقة فعلا في العلوم العربية والإسلامية فالإمام الشافعي قد عرف القياس والاستقراء وطبقهما في مذهبه الفقهي، وكذا علماء الفقه والأصول واللغة فضلا عما قام به علماء الحديث في هذا المجال، ويكفي أن نشير هنا إلى نموذجين مختلفين من مفكري الإسلام كابن تيمية وابن خلدون لنرى أن عناصر المنهج العلمي الحديث كانت واضحة لديهما تمام الوضوح.