1- ما أشرنا إليه آنفا وهو إشارته لمواقف العتاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمور التي كاد يتصرف فيها بمقتضى بشريته، والتي ذكرنا أمثلة منها.
2- إشارته إلى مواقف المشركين وأهل الكتاب وإنكارهم لألوهية مصدره ودعواهم أنه من عند محمد تارة أو أنه قد اتخذه من أهل الكتاب أو ... أو ... إلخ.
3- إشارته إلى اتهام المشركين لمحمد بأنه "ساحر أو شاعر أو معلم أو مجنون"؛ إذ كان من عند محمد لما جاء مشتملا على هذه الاتهامات، وكان أولى به أن يأتي بشهادات تؤيد صدقه.
وينبغي أن نعلم القرآن الكريم عندما ذكر هذه الإشارات لم يذكرها إلا مقرونة بدليل إبطالها وبيان فسادها، فأحيانا يذكر الفرية، ثم يتبعها بقوله: إن يتبعون إلا الظن؛ لينفي أن يكون معهم دليل على كذبهم كما في قوله: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} ، وقوله: {إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا} ... إلخ؛ ليبين أن كلامهم متهافت في ميزان المنطق؛ لافتقاد دليل صدقه، وأحيانا يذكر الفرية ثم يتبعها بالقضية الجازمة بأن القرآن من عند الله، كما في قوله تعالى: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الفرقان: 6] ، وأحيانا ينفي عنهم صفة العلم أصلا بمستوياته المختلفة كما في قوله تعالى: {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [النحل: 101] ، ولعل القرآن كان يلفت نظر المسلمين إلى جنس هذه الافتراءات وأن أدعياءها لا يملكون دليلا