وهكذا من خلال ما سبق لم يُبق العلماء المسلمون للنصارى ما يتعلقون به في دعواهم خصوصية رسالة النبي صلى الله عليه وسلم بالعرب، فلم يبق لهم بعد ذلك إلا قبول الحق واتباع المصطفى صلى الله عليه وسلم وترك العناد والمكابرة وانتحال الحجج (?).
ففي رسالة لأحد الكتاب النصارى كتبها على لسانهم موجهة إلى المسلمين في عصر الحروب الصليبية كان من ضمن ما أورده من الشبه فيها أن القرآن ورد بتعظيم النصارى والثناء عليهم متمثلاً في ذلك فيما يلي:
أ- تقديم بيع النصارى وصوامعهم على مساجد المسلمين في قوله تعالى: " الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لُهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسمُ الله كثيراً ولينصُرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز" (الحج، آية: 40).
ب- تعظيم القرآن الكريم للإنجيل كما في قوله تعالى: "فإن كذّبوك فقد كُذب رُسُلٌ من قبلك جاءوا بالبينات والزُّبُر والكتاب المنير" (آل عمران، آية: 84) والكتاب هنا هو الإنجيل وقوله تعالى "وقفينا على ءاثارهم بعيسى ابن مريم مصدقاً لما بين يديه من التوراة وءاتينه الإنجيل فيه هدي ونور ومصدقاً لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين" (المائدة، الآية: 46) وقوله تعالى: "وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه فأحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما ءاتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون" (المائدة، الآية: 48).