د- أنه وردت آيات كثيرة تدل على عموم الرسالة فإذا كان النصارى يعتقدون أصل الرسالة لكنها مخصوصة بالعرب، يلزمهم التعميم لهذه الآيات، كقوله تعالى: "وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً" (سبأ، آية: 28) وقد بين بعض العلماء المسلمين المعنى الصحيح للآيات التي استدل بها هذا النصراني على خصوصية الرسالة للعرب، فكون القرآن باللغة العربية ومحمد صلى الله عليه وسلم أرسل بلسان قومه العرب لا يفهم منه اختصاص رسالته صلى الله عليه وسلم، حيث وضح كل من البغوي والرازي أن سبب إرسال الرسل بألسنة أقوامهم ليكون ذلك أدعى للفهم عنهم وأبعد عن الغلط (?)، ثم قال البغوي: كيف هذا؟ - أي إرسال النبيَّ صلى الله عليه وسلم بلسان قومه وقد بعث إلى كافة الخلق؟ قبل بعث من العرب بلسانهم والناس لهم تبع، ثم بث الرسل إلى الأطراف يدعونهم إلى الله عز وجل، ويترجمون لهم بألسنتهم (?). وبين الرازي أنه لا يفهم من قوله تعالى: "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه" (إبراهيم، الآية: 4) خصوصية رسالة النبي صلى الله عليه وسلم بالعرب، وذلك للآيات الكثيرة الدالة على إرساله إلى الناس كافة، ولاحتمال أن المراد من – قومه – في الآية أي أهل بلده وليس أهل دعوته، ولأن التحدي بالقرآن، وقع لجميع الثقلين الإنس والجن ولم يكن للعرب خاصة، قال تعالى: "قل لئِن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً" الأسراء، آية: 88) (?). وقوله تعالى: "لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك" (القصص، آية: 46) لا يفهم منه خصوصية رسالته صلى الله عليه وسلم بالعرب الذين لم يأتهم نذير قبله، ولا يعني ذلك عدم إرساله لأهل الكتاب الذين جاءتهم الرسل، ففي تفسير قوله تعالى: "لتُنذر قوما ما أنذر ءاباؤهم" (يس، آية: 6).