وقد عرض بعض العلماء المسلمين في عصر الحروب الصليبية عقيدة التثليث لدى النصارى كما يعتقدونها، حيث قال نصر بن يحي المتطبب: إن الله سبحانه وتعالى جوهر واحد وثلاثة أقانيم الأب، وأقنوم الابن، وأقنوم روح القدس، وأنها – أي الذات الإلهية – واحدة في الجوهر مختلفة الأقانيم (?) وقال القرافي في عرض عقيدة التثليث عند النصارى: ... النصارى مجمعون على القول بالثالوث، وهو أن ربهم أب، وابن، وروح فالأب الذات، والابن النطق الذي هو الكلام النفساني والروح الحياة، فالأب جوهر، واختلفوا في الكلام والحياة هل هما صفتان للأب أو ذاتان قائمتان بأنفسهما، أو خاصيتان لذلك الجوهر (?)؟ وبعد عرض هؤلاء العلماء لعقيدة التثليث لدى النصارى تصدوا لمناقشتها وتفنيد أدلتهم عليها على النحو التالي:
- بيان فساد هذه العقيدة وكفر من يعتقدها ابتداءً: ففي تفسير قوله تعالى: "لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إلهٌ واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليَمَسَّسنَّ الذين كفروا منهم عذاب أليم* أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم" (المائدة، الآية: 73 – 74). قال ابن عطيه بعد أن بين أن هذا القول لبعض فرق النصارى: .. وهم على اختلاف أحوالهم كفار من حيث جعلوا في الإلهية عدداً ومن حيث جعلوا لعيسى عليه السلام حكماً إلهياً .. ثم توعد تبارك وتعالى هؤلاء القائلين هذه المقولة الكفرية العظيمة بمس العذاب بالدنيا من القتل والسبي، وبعذاب الآخرة بعد لا يفلت منه أحد (?) وبعد أن وضع الرازي تثليث النصارى عقب لقوله: .. ولا يرى في الدنيا مقالة أشد فساداً وأظهر بطلاناً من مقالة النصارى (?).