هذه هي أناجيل النصارى التي عليها عماد ديانتهم، وهي في اعتقاد المسلمين لا يمكن أن تكون الإنجيل الذي أنزله الله عزَّ وجل على عبده عيسى عليه السلام وأحسن أحوالها أن تكون متضمنه لبعض ما أنزله الله جلّ وعلا على عيسى، وكثير مما فيها حرف بلفظه أو بمعناه قال: "يُحرفون الكلم عن مواضعه" (المائدة، الآية: 13). قال القرطبي: أي يتأولونه على غير تأويله ويلقون ذلك إلى العوام (?). ولمكانة الأناجيل عند النصارى، لكونها عماد ديانتهم، وأساس ضلالهم بما حرفوا فيها، فقد اهتم بعض من العلماء المسلمين في عصر الحروب الصليبية بدارستها مبينين تناقضها وعدم الطمأنينة إلى ما فيها، وإظهار ذلك للنصارى هدما لأساس عقائدهم الباطلة، ورغبة في هداية من شاء الله هدايته منهم، فهذا الجعفري يوضح أن مَن وقف على التناقض في الإنجيل، ومصادمة بعضه بعضاً يشهد بأنه ليس هو الإنجيل الحق المنزل من عند الله، وأن أكثره من أقوال الرواة وأقاصيصهم، وأن نقلته أفسدوه ومزجوه بحكاياتهم وألحقوا به أموراً غير مسموعة من المسيح ولا من أصحابه.
وهو ليس إنجيلاً واحداً بل أربعة أناجيل كتب كل واحد منها في قطر من الأقطار، بقلم غير قلم الآخر، وتضمن كل كتاب أقاصيص وحكايات أغفلها الكتاب وإذا كان الأمر كذلك فقد انخرمت الثقة بهذا الإنجيل، وعدمت الطمأنية بنقلته (?)، ثم أورد الجعفري نماذج عديدة تبين تحريف الإنجيل وتناقضه ومن ذلك: