وقال الرازي: أي ما هو إلا رسول من جنس الرسل الذين خلوا من قبل (?)، وعند قوله تعالى: "كانا يأكلان الطعام" (المائدة الآية: 75) قال: وأعلم أن المقصود من ذلك الاستدلال على فساد قول النصارى (?). أي نفيهم نبّوته وإدعائهم الألوهية له. وهكذا كل مفسري هذا العصر لم يغفلوا بيان عقيدة المسلمين في المسيح عليه السلام وفضح ضلال النصارى فيه وذلك في تفسيرهم للآيات التي تتحدث عن عيسى عليه السلام أو النصارى بشكل عام (?). وبعد أن بين القرطبي حيرة اليهود والنصارى في عيسى عليه السلام، وتضارب أقوالهم حوله، وضَّح رحمه الله سبحانه وتعالى ومنّه علينا – نحن المسلمين – وعلى النصارى بأن بعث سيد المرسلين لينزه الله المسيح وأمه على لسان نبيه مما قالته اليهود فيهما، ويشهد ببراءتهما مما نسب إليهما، قال سبحانه. "ما المسيح ابنُ مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمُّهُ صديقه" (المائدة، آية: 75) ثم ذكرّ القرطبي النصارى بموقف النجاشي من عقيدة المسلمين بعيسى عليه السلام حينما أخبره بها جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه بقوله: نقول فيه – أي المسيح عليه السلام – الذي جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم، وهو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول فلما سمع النجاشي ذلك ضرب بيده الأرض، وأخذ عوداً منها وقال: ما عدا عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود، فتناخرت بطارقة حوله فقال: وإن نخرتم والله (?). ثم خاطب القرطبي النصارى بعد ذلك قائلاً: ... فهذا – أي رأي النجاشي – قول أهل العلم من قبلكم، العارفين بشريعتكم، وما عدا ذلك فشجرته غثاء "ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار " (إبراهيم، آية: 26).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015