السَّلَامُ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ عَلَى آدَمَ وَبَعْدَ أَنْ تَلَقَّى مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ مِنْ ذَنْبِهِ فِي أَكْلِ الشَّجَرَةِ
وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْعَلَهُ حُجَّةً إِذَا أَتَى مَا نَهَاهُ اللَّهُ عَنْهُ وَحَرَّمَهُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْتَجَّ بِمِثْلِ هَذَا فَيَقُولُ أَتَلُومُنِي عَلَى أَنْ قَتَلْتُ وَقَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنْ أَقْتُلَ وَتَلُومُنِي فِي أَنْ أَسْرِقَ أَوْ أَزْنِيَ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أَجُورَ وَقَدْ سَبَقَ ذَلِكَ عَلَيَّ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدَرِهِ
وَهَذَا مَا لَا يَسُوغُ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْعَلَهُ حُجَّةً لِنَفْسِهِ
وَالْأُمَّةُ مُجْتَمِعَةٌ عَلَى أَنَّهُ جَائِزُ لَوْمُ مَنْ أَتَى مَا يلام عليه من معاصي ربه وَذَمُّهُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى حَمْدِ مَنْ أَطَاعَ رَبَّهُ وَأَتَى مِنَ الْأُمُورِ المحمودة ما يحمد عليه
وقد روى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ آدَمَ لِمُوسَى بَعْدَ أَنْ تِيبَ عَلَى آدَمَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْتِقَاءُ آدَمَ وَمُوسَى يُمْكِنُ أَنْ يكون كما قال بن وَهْبٍ يُمْكِنُ أَنْ يُرِيَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ وَهُوَ حَيٌّ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَا الْتَقَتْ أَرْوَاحُهُمَا وَعَلِمَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يَعْلَمُ بِهِ خَبَرَ السَّمَاءِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ
وَهَذَا وَمِثْلُهُ مِمَّا لَا يُطَاقُ فِيهِ التَّكْيِيفُ وَإِنَّمَا فِيهِ التَّصْدِيقُ وَالتَّسْلِيمُ
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
1658 - مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تقولوا يوم القيمة إنا كنا عن هذا غفلين) الْأَعْرَافِ 172 فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْأَلُ عَنْهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ آدَمَ
ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ بِيَمِينِهِ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذَرِّيَّةً فَقَالَ خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذَرِّيَّةً وَقَالَ خلفت هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلُونَ
فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَفِيمَ الْعَمَلُ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ إِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلْجَنَّةِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى