السَّمَاءِ فَقَالُوا نَحْنُ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْ أَنْ نَحْرُسَكَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ وَلَكِنْ نَحْرُسُكَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ
قَالَ فَلَا تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ إِذَا قُضِيَ الْأَمْرُ مِنَ السَّمَاءِ عَلِمَهُ أَهْلُ الْأَرْضِ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَجِدُ طَعْمَ الْإِيمَانِ حَتَّى يُوقِنَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ
وَرَوَيْنَا أَنَّ النَّاسَ لَمَّا خَاضُوا فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ اجْتَمَعَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ وَرُفَيْعٌ أَبُو الْعَالِيَةِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ تَعَالَ نَنْظُرْ في ما خَاضَ النَّاسُ فِيهِ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ فَقَعَدَا وَنَظَرَا فَاتَّفَقَ رَأْيُهُمَا أَنَّهُ يَكْفِي الْمُؤْمِنَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ وَأَنَّهُ مَجْزِيٌّ بِعَمَلِهِ
وَرَوَيْنَا عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ مَا يُنْكِرُ هَؤُلَاءِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلِمَ عِلْمًا فَجَعَلَهُ كِتَابًا
أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْفَارِسِيُّ قَالَ سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ انْحَدَرَ عَلَيْنَا الشَّافِعِيُّ يَوْمًا مِنْ دَرَجَتِهِ وَقَوْمٌ يَتَجَادَلُونَ فِي الْقَدَرِ فَقَالَ لَهُمْ إِمَّا أَنْ تَقُومُوا عَنَّا وَإِمَّا أَنْ تُجَاوِرُونَا بِخَيْرٍ ثُمَّ قَالَ لأن يلقى اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - الْعَبْدُ بِكُلِّ ذَنْبٍ مَا خَلَا الشِّرْكَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَهْوَاءِ
قَالَ وَسَمِعْتُ الرَّبِيعَ يَقُولُ قَالَ الشَّافِعِيُّ قَالَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) الْإِنْسَانِ 30 فَأَعْلَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَلْقَهُ أَنَّ الْمَشِيئَةَ لَهُ دُونَ خَلْقِهِ وَأَنْ لَا مَشِيئَةَ لَهُمْ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ)
قَالَ الرَّبِيعُ قَالَ لِي الشَّافِعِيُّ لَا تُصَلِّ خَلْفَ الْقَدَرِيِّ وَإِنِّي أَكْرَهُ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُيَيْنَةُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ قَالَ بِلَالُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ لِمُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ مَا تَقُولُ فِي الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ قَالَ أَيُّهَا الْأَمِيرُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَا يَسْأَلُ عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ وَإِنَّمَا يَسْأَلُهُمْ عَنْ أَعْمَالِهِمْ
وَرَوَيْنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ إِنَّ اللَّهَ لَا يُطَالِبُ خَلْقَهُ بِمَا قَضَى عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ يُطَالِبُهُمْ بِمَا نَهَاهُمْ عَنْهُ وَأَمَرَهُمْ بِهِ فَطَالِبْ نَفْسَكَ مِنْ حَيْثُ يُطَالِبُكَ رَبُّكَ
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ عَنْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَفَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِّرَ عَلَيَّ
فَهُوَ خُصُوصٌ لِآدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ مِنْهُ وَمِنْ مُوسَى عَلَيْهِمَا