وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ) الْبَقَرَةِ 173 قَالَ غَيْرَ قَاطِعِ سَبِيلٍ وَلَا مُفَارِقِ الْأَئِمَّةِ وَلَا خَارِجٍ فِي مَعْصِيَةٍ فَإِنْ خَرَجَ فِي مَعْصِيَةٍ لَمْ يُرَخَّصْ لَهُ فِي أَكْلِ الْمَيْتَةِ
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ قَالَ هُوَ الَّذِي يَقْطَعُ الطَّرِيقَ فَلَيْسَ لَهُ رُخْصَةٌ إِذَا اضْطُرَّ إِلَى شُرْبِ الْخَمْرِ وَإِلَى الْمَيْتَةِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ خَرَجَ عَاصِيًا لِلَّهِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ شَيْءٌ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِحَالٍ لِأَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - إِنَّمَا أَحَلَّ مَا حَرَّمَ لِلضَّرُورَةِ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُضْطَرُّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ وَلَا مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ
وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ
وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ أَنَّ الْمُضْطَرَّ لَا تَحِلُّ لَهُ الْخَمْرُ وَلَا يَشْرَبُهَا وَلَا تَزِيدُهُ إِلَّا عَطَشًا
وَهُوَ قَوْلُ مَكْحُولٍ وَالْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ وبن شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ
ذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ بُرْدٍ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ لَا يَشْرَبُ الْمُضْطَرُّ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا لَا تَزِيدُهُ إِلَّا عَطَشًا
وَرَوَى جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنِ الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ قَالَ إِذَا اضْطُرَّ إِلَى الْخَمْرِ فَلَا يَشْرَبْهَا فَإِنَّهَا لا تزيده إلا عطشا
وروى بن وهب عن يونس أنه سأل بن شِهَابٍ عَنِ الرَّجُلِ يُضْطَرُّ إِلَى شُرْبِ الْخَمْرِ هَلْ فِيهِ رُخْصَةٌ قَالَ لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ فِي ذَلِكَ رُخْصَةٌ لِأَحَدٍ وَقَدْ أَرْخَصَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِ فِيمَا اضْطُرَّ إِلَيْهِ مِمَّا حُرِّمَ عَلَيْهِ
وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ عِكْرِمَةُ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ قَالَ يَتَعَدَّى فَيَزِيدُهُ عَلَى مَا يُمْسِكُ نَفْسَهُ وَالْبَاغِي كُلُّ ظَالِمٍ فِي سَبِيلِ الْغَيْرِ مُبَاحَةٌ
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ قَالَ فِي قَوْلِهِ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ قَالَ غَيْرُ باغ فيها يأكلها وهنو غَنِيٌّ عَنْهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ لَمْ يَرَ شُرْبَ الْخَمْرِ لِلْمُضْطَرِّ أَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - ذَكَرَ الرُّخْصَةَ لِلْمُضْطَرِّ مَعَ تحريم الخمور وَالْمَيْتَةِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ
وَذَكَرَ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ وَلَمْ يُذَكِّرْ مَعَ ذَلِكَ رُخْصَةَ لِلْمُضْطَرِّ فَالْوَاجِبُ أَنْ لَا يَتَعَدَّى الظَّاهِرُ إِلَى غَيْرِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يُضْطَرُّ إِلَى الْمَيْتَةِ أَيَأْكُلُ مِنْهَا وَهُوَ يَجِدُ ثَمَرَ الْقَوْمِ أَوْ