الاستذكار (صفحة 2186)

قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَسُفْيَانُ وَشُعْبَةُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ مَنِ اضْطُرَّ إِلَى الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ فَلَمْ يَأْكُلْ حَتَّى مَاتَ دَخْلَ النَّارَ وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مِقْدَارِ مَا يَأْكُلُ الْمُضْطَرُّ مِنَ الْمَيْتَةِ

فَقَالَ مَالِكٌ فِي ((مُوَطَّئِهِ)) مَا ذَكَرْنَا وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ أَصْحَابِهِ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا لَا يَأْكُلُ الْمُضْطَرُّ مِنَ الْمَيْتَةِ إِلَّا مِقْدَارَ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ وَالنَّفْسَ

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْمُضْطَرُّ يَأْكُلُ مِنَ الْمَيْتَةِ مَا يَسُدُّ جَوْعَتَهُ

وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ أَنَّ الْمُضْطَرَّ إِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ إِذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَوْتَ فَإِذَا أَكَلَ مِنْهَا مَا يُزِيلُ الْخَوْفَ فَقَدْ زَالَتِ الضَّرُورَةُ وَارْتَفَعَتِ الْإِبَاحَةُ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُهَا

وَحُجَّةُ مَالِكٍ أَنَّ الْمُضْطَرَّ لَيْسَ مِمَّنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الْمَيْتَةُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ) الْبَقَرَةِ 173 وَقَالَ (إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) الْأَنْعَامِ 119

فَإِذَا كَانَتِ الْمَيْتَةُ حَلَالًا لِلْمُضْطَرِّ إِلَيْهَا أَكَلَ مِنْهَا مَا شَاءَ حَتَّى يَجِدَ غَيْرَهَا فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ

وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ

قَالَ الْحَسَنُ إِذَا اضْطُرَّ إِلَى الْمَيْتَةِ أَكَلَ مِنْهَا قُوتَهُ

وَقَدْ قِيلَ مَنْ تَغَدَّى لَمْ يَتَعَشَّ مِنْهَا وَمَنْ تَعَشَّى لَمْ يَتَغَدَّ مِنْهَا

وَفِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ مَتَى تَحِلُّ لَنَا الْمَيْتَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَا لَمْ تَصْطَبِحُوا أَوْ تَغْتَبِقُوا

وَالصَّبُوحُ الْغَدَاءُ وَالْغَبُوقُ الْعَشَاءُ وَنَحْوُ هَذَا

وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ) الْبَقَرَةِ 173

فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مُجَاهِدٌ غَيْرَ بَاغٍ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَلَا عَادٍ قَاطِعِ سَبِيلٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015