ذكر تلاوة اصناف المهاجرين والأنصار ومن جاء بعدهم فقالت طائفة: الأرض داخلة في آية الغنيمة فانه تعالى قال: {وَاعْلَمُوا أَنَّ مَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ}. وشيءنكره في سياق النفي فيعم كل ما يسمى شيئا قالوا: وأية الفي لم يدخل فيها حكم الغنيمة كما أن آية الغنيمة لم يدخل فيها الفيء بل الغنيمة والفيء لكل واحد منهما حكم يختص به وهذا قول من قال من الفقهاء إن الأرض تتعين قسمتها بين الغانمين وقال طائفة بل الأرض داخلة في آية الفيء وهذا قول أكثر العماء صرحوا بذلك وممن روي عنه عمر بن عبد العزيز وقد سبق ذكر من قال من السلف إن السواد فيء ونص عليه الامام أحمد.
ووجه دخول الأرض في الفي أن الله تعالى قال: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} إلى قوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا} الآية. فجعل الفيء لثلاثة أصناف المهاجرين والأنصار والذين جاؤوا من بعدهم ولذلك لما تلا عمر رضي الله عنه هذه الآية قال: "استوعبت هذه الآية الناس فلم يبق أحد من المسلمين إلا له فيها حق غلا بعض من تملكون من أرقائكم". أخرجه أبو داود من طريق الزهري عن عمر رضي الله عنه منقطعا.
وروي من وجه آخر عن الزهري موصولا ورواه هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر رضي الله عنه أيضا ثم إن عمر رضي الله عنه جعل أرض العنوة فيأ وأرصدها للمسلمين إلى يوم القيامة فدل على أنه فهم دخولها في آيات الفيء ولذلك قرره أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز في رسالته المشهورة التي بين فيها أحكام الفيء وقد اعتمد عليها مالك وأخذ بها كما ذكر ذلك القاضي إسماعيل في كتاب أحكام القرآن وساقها بتمامها باسناده.