والخراج في معنى الجزية فتصان مكة عنه. وإن قيل انه أجرة فبيوت مكة لا تؤجر لكن من منع إجارة بيونتها فأكثرهم خصوا ذلك بالمساكن إلا أن القاضي ابا يعلى ذكر في الاحكام السلطانية أن ما هو داخل في حدود الحرم كله لا يباع ولا يؤجر وذكر أن أحمد نص عليه في رواية مثنى الانباري.

وقيل في تعليل منع وضع الخراج على مزارع مكة إن العرب كما لا جزية على رقابهم فكذلك لا جزية على أرضهم ولكن في أخذ الجزية منهم نزاع مشهور ومقتضى هذا التعليل أنه لا يضرب الخراج على جميع أرض العرب الذي لا يؤخذ منهم الجزية وهذا قول الكوفيين الحسن بن صالح ويحيى بن آدم وحكي عن أبي حنيفة وفي كلام أبي عبيد ما يدل عليه.

وأعلم أن مآخذ الاختلاف بين العلماء في هذه المسألة ينبني على تحرير الكلام في ثلاثة أصول:

أحدهما أن الأرض المأخوذة عنوة هل هي داخلة في آية الغنيمة أو في آية الفيء؟

الثاني حكم خبير وهل قسمها النبي صلى الله عليه وسلم أو لم يقسمها؟

الثالث ما فعله عمر رضي الله عنه بأرض السواد وغيره من أرض العنوة.

الأصل الأول أن الأرض المعنوة هل هي داخلة في آية الغنائم المذكورة في سورة الانفاق وهي قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} (?) الآية. أم هي داخلة في آية الفيء المذكورة في سورة الحشر وهي قوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} (?) الآية. ثم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015