نرجع الآن إلى حديث الثلمة: قيل فلما كان فى زمان المأمون بن هارون الرشيد، وفرغ من حرب التيماء وأقام بمصر «1» ، أراد هدم الأهرام، فعرفه بعض شيوخ المصريين أن ذلك غير متمكن، وقال له ولا يحسن بأمير المؤمنين أن يطلب شيئا ولا يبلغه «2» ؛ فقال له لابد أن أعلم ما فيها. ثم أمر بفتح هرم من أعظم الأهرام، ففتح فيه ثلم من جانبه الشمالى، لقلة دوام الشمس على من يعمل فيه؛ فلما ابتدءوا عمله وجدوا حجرا صلدا يكل فيه الحديد. فكانوا يوقدون النار عند الحجر، فإذا حمى رش بالخل ورمى بالمنجنيق فزبر الحديد؛ وأقاموا على ذلك أياما حتى فتحوا الثلمة التى فيه الآن، فمنها يدخل إلى ذلك الهرم. ووجدوا بنيانه بالحديد والرصاص «3» ووجدوا عرض الحائط 20 ذراعا؛ وبالقرب من الموضع الذي فتحوا مطهرة من حجر أخضر فيها مال على حول الدنانير العريضة، وزن كل دينار منها 27 مثقالا وثلثى مثقال. فقال المأمون زنوه فوزنوا الجملة فوجدوا فيها مالا معلوما، وكان المأمون رحمه الله فطنا، فقال رحمه الله ارفعوا ما أنفقتم على فتح هذه الثلمة، ففعلوا فوجدوه موازنا لما وجدوا من المال. فعجب أمير المؤمنين من ذلك، ومن معرفتهم بالموضع الذي يفتح منه ذلك الهرم على طول الزمان، وازداد فى علم النجوم يقينا. قال فمشى المأمون حتى دخل الهرم، ومشى فيه فوجد صنما أخضرا مادا يده وهو قائم فلم يعلم خبره. ونظر إلى الزلاقة والبئر الذي فى الهرم، وأمر بالدخول والنزول فيه.

قال فنزل فيه قوم من رجاله من درجة إلى درجة حتى أفضوا إلى صنم أحمر، عيناه مجزعتان سواد فى بياض كأنهما حدقتا إنسان ينظر إليهم، فهالهم أمره وقدروا أن له حركة، فجزعوا منه فخرجوا وعرفوا أمير المؤمنين الحال.

قال فجرأه ذلك على طلب مخابىء كثيرة. ويقال إنه وجد فيه مالا كثيرا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015