وعند الجزر يوصل إليها بالقدم، ويوجد فيها العنبر الكثير؛ وأكثر معاش أهلها من لحوم السلاحف فهى أكثر شئ فى ذلك الموضع وهى مفرطة العظم، ربما دخل الرجل فى محار ظهورها يتصيد فى البحر كالقارب. وفى هذه الجزيرة أغنام كثيرة ومواشى، وهى منتهى المراكب وآخر مراسى المغرب. ومن مدينة نول إلى هذه الجزيرة على البر، لا تفارق السواحل، مسيرة شهرين فى أرض محجّرة أكثرها صفاء تنبو عنها المعاول، ويكل فيها الحديد «ا» ، وإنما يشرب من يمر على ذلك الطريق من حفر يحفرونها عند جزر «ب» البحر فينبع ماء عذبا وهو من العجائب. وإذا مات للمارين بهذه الطريق ميت لا يمكنهم مواراته بالتراب لصلابة الأرض وامتناعها من الحفر، فيسترونه بالحطام والحشيش أو يقذفونه فى البحر.
وبين صحراء لمتونة وبلاد السودان «ج» ، مدينة أودغست «1» .
وهى مدينة عظيمة آهلة فيها أمم لا تحصى ولها بساتين كثيرة ونخل كثير، ويزرعون فيها القمح بالحفر بالفؤوس ويسقونه بالدلاء «د» ، وكذلك يسقون بساتينهم، وإنما يأكل عندهم القمح الملوك وأهل اليسار منهم، وسائر أهلها يأكلون الذرة. والمقاتى تجود عندهم كثيرا، والبقر والغنم عندهم أكثر شئ وأرخصه:
تشترى فى أودغست 10 أكباش بدينار وأكثر من ذلك، وهم أرباب نعم جزيلة وأموال جليلة ولهم أسواق حافلة عامرة الدهر كله، لا يكاد يسمع الإنسان فيها صوت جليسه لكثرة غوغاء الناس، وتجارتهم إنما هى بالتبر وليس عندهم فضة. وبمدينة أودغست مبان حسنة ومنازل رفيعة وأهلها أخلاط من جميع الأمصار، وقد استوطنوها لكثرة خيرها، ونفاق أسواقها وتجارتها. وحريم أودغست لا يوجد مثله فى بلد، يجلب منها جوار حسان بيض الألوان مائسات القدود، لطاف ضخام الأرداف واسعات الأكتاف ضيقات الفروج، المستمتع باحداهن كأنما يستمتع ببكر أبدا، من غير أن ينكسر لإحداهن ثدى طول عمرها.