قال المسعودى والبكرى «ا» وغيرهما من المؤرخين إنه كان يقول إنه صالح المؤمنين الذي ذكره الله فى قرآن محمد. وعهد صالح إلى ابنه إلياس بديانته وعلم شرائعه وفقهه فى دينه، وأمره بألا يظهر الديانة حتى يظهر أمره وينتشر ذكره فيقتل حينئذ من خالفه، وأمره بموالاة أمراء الأندلس. وخرج صالح إلى المشرق ووعد ابنه أنه يرجع فى دولة السابع من ملوكهم، وزعم أنه المهدى الأكبر الذي يكون فى آخر الزمان لقتال الدجال، وأن عيسى بن مريم يصلى خلفه، وأنه يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.
وذكر فى ذلك كلاما نسبه إلى موسى، وإلى سطيح الكاهن وإلى ابن عباس وزعم أن اسمه بالعربى صالح وكذلك فى السريانى، وأوربا بالعبرانى وورى ورابا بالبربرى. وتأول قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا نبى بعدى» فأوله بضم الياء «ب» من نبى، وقال اسمي لا وأنا نبى بعده. فولى إلياس الأمر بعد خروج أبيه إلى المشرق بدعوة الإسلام وكتم الشريعة التى عهد إليه أبوه خوفا وتقية، ولم يظهر شيئا من ديانته إلى سنة 73 [1] [789- 790] ، فكان ملكه 50 سنة. فولى بعده ابنه يونس، فأظهر ديانتهم ودعا إليها، وقتل من خالفها إلى أن مات سنة 75 [1] [- 791- 792] ، فولى بعده أبو عفير معاد بن يونس ابن الياس بن صالح بن طريف، وأظهروا ديانتهم واشتدت شوكته، وكانت له وقائع كثيرة فى البربر؛ وكانت له من الزوجات 44 زوجة. ومات أبو عفير سنة 230 [- 844- 845] وولى ابنه أبو جعفر حفص، ولم يزالوا يتداولون هذه الديانة إلى غزو عبد الله بن ياسين الجزولى إياهم، فملك منهم سبعة وفنيت دولتهم سنة 499 [- 1057] . ولما كان أصل هذا الشيخ الملعون من برباط قيل لكل من دخل فى دينه برباطى فأحالتها العرب بألسنتها فقالت برغواطى، فمن أجل هذا سموا برغواطة، وإنما أصلهم زناتة وهم أعلم عباد الله بالسحر مما أخذوا عن أسلافهم.
وأما الضلال الذي شرع لهم فإنهم يقرون بعد الإقرار بالنبين بنبوة صالح ابن طريف ومن يتولى الأمر من بعده، وأن الكلام الذي وضع لهم وحى من الله لا يشكون فيه؛ ويصومون رجب، ويأكلون رمضان، وأن الفروض عليهم