قال العلامة الشنقيطي - رحمه الله - عند قوله تعالى: {بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً} (الكهف: 29) [والمرتفق: مكان الارتفاق. وأصله أن يتكئ الإنسان معتمداً على مرفقه. وللعلماء في المراد بالمرتفق في الآية أقوال متقاربة في المعنى. قيل مرتفقاً. أي منزلاً، وهو مروي عن ابن عباس. وقيل مقراً، وهو مروي عن عطاء. وقيل مجلساً وهو مروي عن العتبي. وقال مجاهد: مرتفقاً أي مجتمعاً. فهو عنده مكان الارتفاق بمعنى مرافقة بعضهم لبعض في النار.
وحاصل معنى الأقوال أن النار بئس المستقر هي، وبئس المقام هي. ويدل لهذا قوله تعالى: {إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً}، وكون أصل الارتفاق هو الاتكاء على المرفق معروف في كلام العرب، ومنه قول أبي ذؤيب الهذلي:
نام الخلى وبت الليل مرتفقا ... ... ... كأن عيني فيها الصاب مذبوح
ويروى «وبت الليل مشتجراً» وعليه فلا شاهد في البيت. ومنه قول أعشى باهلة:
قد بت مرتفقاً للنجم أرقبه ... ... ... حيران ذا حذر لو ينفع الحذر
وقول الراجز:
قالت له وارتفقت ألا فتى ... ... ... يسوق بالقوم غزالات الضحا] (?).
[العرب تعرف في لغتها إطلاق الجن على الملائكة. ومنه قول الأعشى في سليمان بن داود: ...
وسخر من جن الملائك تسعة ... ... ... قياماً لديه يعملون بلا أجر
قالوا: ومن إطلاق الجن على الملائكة قوله تعالى: {وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً} عند من يقول: بأن المراد بذلك قولهم: الملائكة بنات الله. سبحانه وتعالى عن كل ما