تعالى. ولأجل ما ذكرنا قالوا للتراب المخرج من القبر عند حفره ظليم بمعنى مظلوم، لأنه حفر في غير محل الحفر المعتاد، ومنه قول الشاعر يصف رجلاً مات ودفن:
فأصبح في غبراء بعد إشاحة ... ... ... على العيش مرود عليها ظليمها] (?).
[قوله في هذه الآية الكريمة: {وَإِن يَسْتَغِيثُواْ} يعني إن يطلبوا الغوث مما هم فيه من الكرب يغاثوا، يؤتوا بغوث هو ماء كالمهل.
والمهل في اللغة: يطلق على ما أذيب من جواهر الأرض، كذائب الحديد والنحاس، والرصاص ونحو ذلك.
ويطلق أيضاً على دردي الزيت وهو عكره. والمراد بالمهل في الآية: ما أذيب من جواهر الأرض. وقيل: دردي الزيت. وقيل: هو نوع من القطران. وقيل السم.
فإن قيل: أي إغاثة في ماء كالمهل مع أنه من أشد العذاب، وكيف قال الله تعالى: {يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَالْمُهْلِ}؟ فالجواب أن هذا من أساليب اللغة العربية التي نزل بها القرآن. ونظيره من كلام العرب قول بشر بن أبي حازم:
غضبت تميم أن تقتل عامر ... ... ... يوم النسار فأعتبوا بالصيلم
فمعنى قوله «أعتبوا بالصيلم»: أي أرضوا بالسيف. يعني ليس لهم منا إرضاء إلا بالسيف. ...
وقول عمرو بن معد يكرب:
وخيل قد دلفت لها بخيل ... ... ... تحية بينهم ضرب وجيع
يعني لا تحية لهم إلا الضرب الوجيع. وإذا كانوا لا يغاثون إلا بماء كالمهل علم من ذلك أنهم لا إغاثة لهم البتة.] (?).