الثاني بمعنى صير؛ كما تقدم في الحجر. كقوله: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً}. قال في الخلاصة:
والتي كصيرا ... ... ... وأيضاً بها انصب مبتدأ وخبرا
الثالث بمعنى خلق؛ كقوله: {الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِى خَلَقَ السموات وَالاٌّرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} أي خلق الظلمات والنور.
الرابع بمعنى شرع؛ كقوله:
وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني ... ... ... ثوبي فأنهض نهض الشارب السكر
قال في الخلاصة:
كأنشأ السائق يحدو وطفق ... ... ... كذا جعلت وأخذت وعلق] (?).
[قوله: {مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ} الضمير في «عليها» راجع إلى غير مذكور وهو الأرض؛ لأن قوله {مِن دَابَّةٍ} يدل عليه؛ لأن من المعلوم: أن الدواب إنما تدب على الأرض. ونظيره قوله تعالى: {مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ}، وقوله: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} أي الشمس، ولم يجر لها ذكر، ورجوع الضمير إلى غير مذكور يدل عليه المقام كثير في كلام العرب. ومنه قول حميد بن ثور:
وصهباء منها كالسفينة نضجت ... ... به الحمل حتى زاد شهراً عديدها
فقوله «صهباء منها» أي من الإبل، وتدل له قرينة «كالسفينة» مع أن الإبل لم يجر لها ذكر، ومنه أيضاً قول حاتم الطائي:
أماوى ما يغني الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر
فقوله «حشرجت وضاق بها» يعني النفس، ولم يجر لها ذكر. كما تدل له قرينة «وضاق بها الصدر». ومنه أيضاً لبيد في معلقته:
حتى إذا ألقت يداً في كافر ... ... ... وأجن عورات الثغور ظلامها
فقوله «ألقت» أي الشمس، ولم يجر لها ذكر، ولكن يدل له قوله: وأجن عورات الثغور ظلامها