والتحقيق: أن إطلاق البشارة على الإخبار بما يسوء، أسلوب من أساليب اللغة العربية. ومعلوم أن علماء البلاغة يجعلون مثل ذلك مجازاً، ويسمونه استعارة عنادية، ويقسمونها إلى تهكمية وتمليحية كما هو معروف في محله] (?).
وقال أيضاً: [والبشارة تطلق في العربية على الخبر مما يسر، وبما يسوء. ومن إطلاقها على الخبر بما يسوء قوله هنا: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالاٍّنْثَى}، ونظيره قوله تعالى: {فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}، ونحو ذلك من الآيات.
وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة: من بغضهم للبنات مشهور معروف في أشعارهم.
ولما خطبت إلى عقيل بن علفة المري ابنته الجرباء قال:
أني وإن سيق إلى المهر ... ... ... ألف وعبدان وذود عشر
أحب أصهاري إلى القبر
ويروى لعبد الله بن طاهر قوله:
لكل أبي بنت يراعى شؤونها ... ... ... ثلاثة أصهار إذا حمد الصهر
فبعل يراعيها وخدر يكنها ... ... ... وقبر يواريها وخيرهم القبر
وهم يزعمون أن موجب رغبتهم في موتهن، وشدة كراهيتهم لولادتهن: الخوف من العار، وتزوج غير الأكفاء، وأن تهان بناتهم بعد موتهم. كما قال الشاعر في ابنة له تسمى مودة:
مودة تهوى عمر شيخ يسره ... ... ... لها الموت قبل الليل لو أنها تدري
يخاف عليها جفوة الناس بعده ... ... ... ولا ختن يرجى أود من القبر ... ] (?).
[لفظة «جعل» تأتي في اللغة العربية لأربعة معان:
الأول بمعنى اعتقد؛ كقوله تعالى هنا: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ} قال في الخلاصة: وجعل اللذ كاعتقد.