ومنه في العطف قول النابغة:
لم يبق إلا أسير غير منفلت ... ... ... وموثق في حبال القد مجنوب
بخفض «موثق» لمجاورته المخفوض، مع أنه معطوف على «أسير» المرفوع بالفاعلية.
وقول امرئ القيس:
وظل طهاة اللحم ما بين منضج ... ... ... صفيف شواءٍ أو قدير معجل
بجر «قدير» لمجاورته للمخفوض، مع أنه عطف على «صفيف» المنصوب بأنه مفعول اسم الفاعل الذي هو «منضج» والصفيف: فعيل بمعنى مفعول وهو المصفوف من اللحم على الجمر لينشوي، والقدير: كذلك فعيل بمعنى مفعول، وهو المجعول في القدر من اللحم لينضج بالطبخ.
وهذا الإعراب الذي ذكرناه هو الحق، لأن الإنضاج واقع على كل من الصفيف والقدير، فما زعمه «الصبان» في حاشيته على «الأشموني» من أن قوله «أو قدير» معطوف على «منضج» بتقدير المضاف أي وطابخ قدير الخ ظاهر السقوط، لأن المنضج شامل لشاوي الصفيف، وطابخ القدير. فلا حاجة إلى عطف الطابخ على المنضج لشموله له، ولا داعي لتقدير «طابخ» محذوف.
وما ذكره العيني من أنه معطوف على «شواء»، فهو ظاهر السقوط أيضاً. وقد رده عليه «الصبان»، لأن المعنى يصير بذلك: وصفيف قدير، والقدير لا يكون صفيفاً.
والتحقيق: هو ما ذكرنا من الخفض بالمجاورة، وبه جزم ابن قدامة في المغني.
ومن الخفض بالمجاورة في العطف قول زهير:
لعب الزمان بها وغيرها ... ... ... بعدي سوافي المور والقطر
بجر «القطر» لمجاورته للمخفوض مع أنه معطوف على «سوافي» المرفوع، بأنه فاعل غير.
ومنه في التوكيد قول الشاعر:
يا صاح بلغ ذوي الزوجات كلهم ... أن ليس وصل إذا انحلت عرى الذنب