أفعاله، وهذا كله بناء على أن الرحمة والغضب من صفات الذات، وقال بعض العلماء: الرحمة والغضب من صفات الفعل لا من صفات الذات. ولا مانع من تقديم بعض الأفعال على بعض فتكون الإشارة بالرحمة إسكان آدم الجنة أول ما خلق مثلاً، ومقابلها ما وقع من إخراجه منها. وعلى ذلك استمرت أحوال الأمم بتقديم الرحمة في خلقهم بالتوسيع عليهم من الرزق وغيره، ثم يقع بهم العذاب على كفرهم. وأما ما أشكل مِنْ أمر مَنْ يعذب من الموحدين فالرحمة سابقة في حقهم أيضاً، ولولا وجودها لخلدوا أبداً. وقال الطيبي: في سبق الرحمة إشارة إلى أن قسط الخلق منها أكثر من قسطهم من الغضب وأنها تنالهم من غير استحقاق وأن الغضب لا ينالهم إلا باستحقاق، فالرحمة تشمل الشخص جنيناً ورضيعاً وفطيماً وناشئاً قبل أن يصدر منه شيء من الطاعة، ولا يلحقه الغضب إلا بعد أن يصدر عنه من الذنوب ما يستحق معه ذلك أ. هـ كلام ابن حجر.
611 - * روى الطبراني في الصغير والأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قلت: يا جبريل أيصلي ربك جل ذكره؟ قال: نعم. قلت: ما صلاته؟ قال: سبوح قدوس سبقت رحمتي غضبي".
612 - * روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع يجنته، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته".
وللترمذي في رواية أخرى (?)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع في الجنة أحدٌ، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من الجنة أحد".