ما خلق الله العقل" فليس له طريق ثبت، وعلى تقدير ثبوته فهذا التقدير الأخير هو تأويله والله أعلم. وحكى أبو العلاء الهمداني أن للعلماء قولين في أيهما خلق أولاً: العرش أو القلم؟ قال: والأكثر على سبق خلق العرش، واختار ابن جرير ومن تبعه الثاني، وروى ابن أبي حازم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: خلق الله اللوح المحفوظ مسيرة خمسمائة عام، فقال للقلم قبل أن يَخْلُقَ الخَلْقَ وهو على العرش: اكتب، فقال وما أكتب؟ قال علمي في خلقي إلى يوم القيامة. ذكره في تفسير سورة سبحان، وليس فيه سبق خلق القلم على العرش، بل فيه سبق العرش ... قوله (وكتب) أي قدر (في الذكر) أي في محل الذكر أي في اللوح المحفوظ (كل شيء) أي من الكائنات، وفي الحديث جواز السؤال عن مبدأ الأشياء والبحث عن ذلك وجواز عن ذلك وجواز جواب العالم بما يستحضره من ذلك، وعليه الكف إن خشي على السائل ما يدخل على معتقده. وفيه أن جنس الزمان ونوعه حادث، وأن الله أوجد هذه المخلوقات بعد أن لم تكن، لا عن عجز عن ذلك بل مع القدرة. واستنبط بعضهم من سؤال الأشعريين عن هذه القصة أن الكلام في أصول الدين وحدوث العالم مستمران في ذريتهم حتى ظهر ذلك منهم في أبي الحسن الأشعري، أشار إلى ذلك ابن عساكر" ا. هـ قول ابن حجر.
أقول: دل هذا الحديث على أن الكلام عن أصل النشأة من الفقه في الدين، فلقد كان الحديث إجابة على كلامهم: جئنا لنتفقه في الدين، ولنسألك عن أول هذا الأمر ما كان؟
وقد رأينا من خلال تحقيق ابن حجر أن العلماء مختلفون على قولين: في أيهما كان أولاً، الماء أو العرش؟ ولا يترتب على هذا الاختلاف عمل.
569 - * روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، فقال: "خلق الله التربة يوم السبت، وخَلَقَ فيها الجبال يوم الأحدِ، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة في آخر الخلق