بعد ذلك من إيمان بغيب إلى غيره مبني على معرفة الله.
* * *
إن الإيمان بالغيب هو ركن التقوى، وأركان هذا الركن أركان الإيمان الستة التي وردت في حديث جبريل الصحيح، وقد نصت على خمسة منها أكثر من آية، من ذلك {لَيْسَ الْبِرَّ ... وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) (?)، {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (?)، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} (?)، وإنما لم يذكر الإيمان بالقدر معها لأنه فرع الإيمان بالله عز وجل كما سنرى، لكنه ذكر في القرآن في أكثر من مكان وفي نصوص السنة متواتراً.
والفصول التي سنذكرها ههنا تشمل أركان الإيمان الستة وتشمل بعض ما غاب من العباد، وتشمل بعض ما أخبرنا الله عز وجل عنه من أمور سابقة أو لاحقة أو بعض ما أخبرنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمور سابقة أو لاحقة، كما سنذكر فصلاً عن القصص التي قصها علينا رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم لأنها من الغيب، والإيمان بها جزء من الإيمان بالغيب.
ولقد فصل القرآن في أمر الغيب تفصيلاً كثيراً، ولذلك فإن قارئ القرآن يجد أمر الغيب واضحاً، فالحديث عن الله والرسل واليوم الآخر والقدر والجن والموت والخلق كل ذلك نجده مفصلاً في القرآن الكريم، ومن ثم فإن عرضنا لأبحاث الغيب ههنا سيكون مختصراً؛ لأن غايتنا في هذا الكتاب عرض السنة مع ملاحظة أن روايات السنة المتعلقة بهذه الأمور تأتي في سياقات أبحاث أخرى كالذكر والدعاء؛ ولذلك فسنذكر في كل فصل من فصول هذا الباب الروايات التي هي ألصق بموضوعه تاركين كثيراً من الروايات لمحلها في سياقاتها.
ويشمل هذا الباب الفصول التالية: