"إن فيكم قوماً يتعبدون فيدأبون حتى يعجب بهم الناس وتُعجبهم أنفسهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية".
469 - * روى الإمام أحمد عن عبد الملك بن مُليل السليحي قال: كنت جالساً قريباً من المنبر يوم الجمعة فخرج محمد بن أبي حذيفة فاستوى على المنبر فخطب ثم قرأ عليهم سورة من القرآن وكان من أقرأ الناس فقال عقبة بن عامر: صدق الله ورسوله، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليقرأن القرآن رجال لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية".
أقول: محمد بن أبي حذيفة ممن خرج على عثمان رضي الله عنه، ولذلك وصفه عقبة بن عامر بما وصف به الخوارج.
470 - * روى الإمام أحمد عن سعيد بن جُمهان قال لقيت عبد الله بن أبي أوفى وهو محجوب البصر فسلمتُ عليه فقال: من أنت؟ قلت: أنا سعيد بن جمهان. قال: ما فعل والدك؟ قلت: قتلته الأزارقة قال: لعن الله الأزارقة، حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كلاب النار. قال: قلت الأزارقة وحدهم أم الخوارج كلها قال: بل الخوارج كلها. قال: قلت: فإن السلطان يظلم الناس ويفعل بهم ويفعل بهم. قال: فتناول يدي فغمزها غمزةً شديدة ثم قال: ويحك يا ابن جمهان عليك بالسواد الأعظم -مرتين- إن كان السلطان يسمع منك فائته في بيته فأخبره بما تعلم فإن قبل منك وإلا فدعه فإنك لست بأعلم منه.
أقول: هذا في سلطان يقيم الصلاة ولا يعلن الكفر البواح، ويقيم في الناس كتاب الله على خلل في العمل أو في التطبيق، لكن الفقهاء قالوا: إذا فسق السلطان استحق العزل ما لم يكن في عزله فتنة أكبر من إبقائه، وبعضهم قال: ينعزل الإمام بمجرد فسوقه، فلا تجب