وذلك كله يشهد لما ذكرناه، فذكر من ذلك المسائل التالية:

419 - * الحديث الأول: ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لبلالٍ عند صلاة الفجر: "يا بلالُ حدثني بأرجى عملٍ عملته في الإسلام فإني سمعت دَف نعليك في الجنة". قال: ما عملتُ عملاً أرجى عندي أني لم أتطهر طهوراً في ساعة من ليل أو نهار إلا صليتُ بذلك الطهور ما كُتب لي.

وفي حديث الترمذي (?) قاله لبلال: "بم سبقتني إلى الجنة"؟ قال: ما أذنتُ قط إلا صليت ركعتين، وما أصابني حدث قط إلا توضأت ورأيت أن لله علي ركعتين. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "بها نِلت". أي تلك المنزلة.

قال الحافظ ابن حجرٍ في الفتح: يُستفاد منه جوازُ الاجتهاد في توقيتِ العبادة؛ لأن بلالاً توصل إلى ذكره بالاستنباط فصوبه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (?) ومثلُ هذا حديثُ خبيب في البخاري وفيه: وهو أول من سن الصلاة لكلِّ مقتول صبراً ركعتين (4). فهذه الأحاديث صريحةً في أن بلالاً وخبيباً اجتهدا في توقيت العبادة، ولم يسبق من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أمرٌ ولا فعلٌ إلا الطلبُ العام. وإن الصلاة خيرٌ موضوعٌ فأقلل منها أو استكثر كما في الحديث، فلو أن أحداً أراد إيقاعها في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها لكانت بدعة عند من يرى عمووم النهي، وغير بدعةٍ عند من يرى تخصيص النهي بالنفل المطلق، ومع أن الشافعية رحمهم الله يرون تخصيص النهي بغير المؤقت بذي السبب، فإنهم اختلفوا في سنة الوضوء فالإمام الغزالي يمنع فِعلها فيه، ويقول: يتوضأ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015