الإنسان في هذا العالم الكبير لا ينقضي منه العجب، وما خفي منه فذلك أعجب، والعالم الذي يعيش فيه الإنسان أكثر عجباً، ومع أنه أكثر عجباً فإنه خلق من أجل هذا الإنسان: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (?). {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} (?) فكان الإنسان بهذا التسخير قطب دائرة الوجود.
اقرأ عن الكون تدخل في دائرة الدهشة، مليارات السنين الضوئية، أعداد هائلة من المجرات، مجموعات شمسية كبيرة، أنواع من الإشعاعات، وأنماط من توضعات الكهارب الصغيرة، وإشارات فضائية متنوعة، وخصائص عجيبة لكل نجم، ولكل كوكب، ولكل مذَّنب، وهذه الأرض في محلها لا ينقضي منها العجب، ولا ينقضي مما فيها العجب وكل ذلك مسخَّر للإنسان.
واقرأ عن هذا الإنسان تجد كتب علم نفس تبلغ الآلاف، وهي تشمل ملاحظات مجردة عن نفس الإنسان دون أن تعرف كنهها، واقرأ عن التشريح تجد آلاف الصفحات، وهي تسجل حقائق وملاحظات عن جسم الإنسان وأعضاء الإنسان وغدد الإنسان، واقرأ ثبت الأمراض المعروفة تجد الآلاف، حتى إنه شخص حتى الآن من أمراض الوراثة وحدها حوالي ألف وخمسمائة، واقرأ تأثير الأغذية والأدوية تجد ما لا تستطيع له إحصاءً، واقرأ عن أخلاق الإنسان، وعلاقات الإنسان، واجتماعيات الإنسان، وأديان الإنسان، والأنظمة التي اخترعها الإنسان، والحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية مما له علاقة بالإنسان تجد عجباً، أما إذا وصلت إلى حياة الإنسان، وروح الإنسان، وقلب الإنسان، ومشاعر الإنسان، فتلك عوالم مجهولة مع كثرة آثارها.
فكما أن الذات الإلهية تعرف بآثارها، ولا يحاط بها علماً، فهذه النفخة التي خلقها الله