وقال المؤلف الكشميري أيضًا في كتابه "فيض الباري" 1: 172، عند حديث "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون": "أي لا يخلو زمان إلا وتوجد فيه تلك الطائفة القائمة على الحق، لا أنهم يكثرون في كل زمان، ولا أنهم يغلبون على من سواهم، كما سبق إلى بعض الأفهام.
حتى أن غلبة الدين في زمن عيسى عليه الصلاة والسلام عندي ليس كما اشتهر على الألسنة، بل الموعود هو الغلبة، حيث يظهر عليه الصلاة والسلام فيما حواليه، أما فيما وراء ذلك فلم يتعرض إليه الحديث، والعمومات كلها واردة في البلاد التي يظهر فيها، ولا تتجاوز فيما وراءها، وإنما هو من بداهة الوهم والسبق إلى ما اشتهر بين الأنام". انتهى كلام الشيخ الكشميري، فتأمل. اهـ. (التصريح).
أقول:
إذا صح ما ذكره الشيخ الكشميري في تفسيره لهلاك الملل فهذا يرجح ما ذهبنا إليه أن بيننا وبين نزول المسيح عليه الصلاة والسلام أمدًا تقوم به دولة عالمية للإسلام كما ورد في مضمون بعض النصوص التي وردت معنا، ثم يحدث انحسار بالإسلام لدرجة القسطنطينية نفسها يحكمها النصارى من جديد ويفتحها المسلمون مرة أخرى، وبعد الفتح الثاني يظهر الدجال وينزل عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، ولاشك أن ذكره الكشميري في عدم وجود نصوص تدل على تحرك عالمي للمسيح حق، ولكن إذا عرفنا أن يأجوج ومأجوج وهم الذين يسيطرون على العالم وقتذاك يهلكون في زمن المسيح عليه السلام، وأن المسيح عليه السلام يقتل اليهود الذين يكونون مع الدجال، ولا يقبل من يهودي أو نصراني جزية فإن هذا يدل على هلاك للملل التي تكون في دائرة وجوده وسلطانه، وهل يعم ذلك العالم كله أو لا؟ الأمر محتمل وتفسيره وقوعه.
(ثم يمكث في الأرض أربعين سنة): قال الشيخ عبد الفتاح:
"يعلق على قوله: (ثم يمكث عيسى عليه السلام أربعين سنة) بما يلي:
هذه الأداة العاطفة (ثم) للترتيب الذكري لا الزمني، إذ مكثه عليه السلام في الأرض