وقد أجاب علماؤنا عن حديث أبي محذورة بأجوبة: منها أن الروايات عنه مختلفة، فقد جاء في بعضها الترجيع وجاء في بعضها ما يدل على أن أذانه كأذان بلال.

وقال العلامة ابن الجوزي في التحقيق: أن أبا محذورة كان كافراً قبل أن يسلم فلما أسلم ولقنه النبي صلى الله عليه وسلم الأذان أعاد عليه الشهادة وكررها ليثبت عنده ويحفظها ويكررها على أصحابه المشركين ...

قال بعض الناس: ويرد هذه التأويلات ما روى أبو داود وسكت عنه: حدثنا مسدد ثنا الحارث بن عبيد عن محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة عن أبيه عن جده وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: "تخفض بها صوتك ثم ترفع صوتك" الحديث (1 - 189) ورواه ابن حبان في صحيحه. قلت [أي صاحب الإعلاء]: فيه الحارث بن عبيد أبو قدامة ضعفه غير واحد.

وأما محمد بن عبد الملك فقد قال الذهبي في الميزان: محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة عن أبيه في الأذان ليس بحجة، يكتب حديثه اعتباراً انتهى. (التعليق الحسن 1 - 50).

فثبت أن رواية: "تخفض بها صوتك وترفع بها" ليست بصحيحة؛ والصواب ما رواه الأربعة غير الترمذي بسند جيد من طريق ابن جريح بلفظ: "ارجع وامدد من صوتك". اهـ (إعلاء السنن 2/ 95 - 98).

فائدة: المتوارث في الأذان: أن راء (أكبر) في التكبيرتين الأوليين من جملتي (الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر) مفتوحة، وراء التكبيرتين الثانيتين في الجملتين ساكنة، مع أن المتبادر أن راء التكبيرة الأولى في الجملتين ينبغي أن تكون مرفوعة لأنها في الإعراب خبر، وقد علل العلماء لذلك أن الأصل في جمل الأذان الجزم (الله أكبر الله أكبر) فلما أدرجت التكبيرة الأولى مع التكبيرة الثانية انتقلت حركة الألف من لفظ الجلالة (الله) إلى الراء ففتحت بسبب ذلك فقيل: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر).

786 - * روى أبو داود عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: إنما كان الأذان على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015