أقول لكن المعتمد في الفتوى في عصرنا جواز أخذ الأجرة.

أقول: حمل أبو حنيفة الترجيع على أنه كان تعليماً فظنه أبو محذورة ترجيعاً، واختلف العلماء في الترجيع في الأذان (وهو أن يأتي بالشهادتين سراً قبل أن يأتي بهما جهراً)، فأثبته المالكية والشافعية، وأنكره الحنفية والحنابلة، لكن قال الحنابلة: لو أتى بالترجيع لم يكره.

ولا بأس بأن ننقل هذا التحقيق في شأن الترجيع:

قال صاحب إعلاء السنن:

قال المحدث ابن الجوزي في التحقيق: حديث عبد الله بن زيد هو أصل في التأذين، وليس فيه ترجيع، فدل على أن الترجيع غير مسنون اهـ (زيلعي 1 - 137). وقال أيضاً: لا يختلف في أن بلالاً كان لا يرجع اهـ (الجوهر النقي 1 - 104). وقال أيضاً: إن أذان أبى محذورة عليه عمل أهل مكة، وما ذهبنا إليه، عليه أهل المدينة، والعمل على المتأخر من الأمور انتهى (التعليق الحسن 1 - 49).

قلت: [أي صاحب الإعلاء] مراده صلى الله عليه وسلم أن بلالاً وغيره من مؤذني المسجد النبوي لم يثبت عنهم الترجيع قط، لا قبل إسلام أبي محذورة ولا بعده، وبلال أذن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبض، فلو كان الترجيع مسنوناً وزيادته مشروعة لأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بزيادته في أذانه ولثبت عنه الترجيع ولو مرة، والأمر بخلافه، لأنه لا يختلف في أن بلالاً كان لا يرجع اهـ.

قال المعلق على الإعلاء: والدليل على أن بلالاً لم يغير أذانه بعد قصة أبي محذورة ما أخرجه الطحاوي (1 - 80) عن سويد بن غفلة قال: سمعت بلالاً يؤذن مثنى ويقيم مثنى. وسويد بن غفلة مخضرم من كبار التابعين، قدم المدينة يوم دفن النبي صلى الله عليه وسلم، كما في التقريب (ص- 216) فظاهر أنه لم يسمع أذان بلال إلا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.

ثم قال صاحب إعلاء السنن: فالأولى الأخذ بأذانه لأن العمل على المتأخر من الأمور، لا بأذان أبي محذورة لأنه صلى الله عليه وسلم لم يسمع أذانه بعد ما علمه، فلا يبعد أنه زاد الترجيع في أذانه لخطأ في فهمه. وظني أن هذا الكلام في غاية القوة لا يمكن رده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015