حكم الأمان: يقتضي الأمان ثبوت الأمن والطمأنينة للمستأمنين، فيحرم قتل رجالهم وسبي نسائهم وأولادهم واغتنام أموالهم واسترقاقهم ولا يجوز أيضاً ضرب الجزية عليهم، لأن فعل شيء مما ذكر غدر والغدر حرام، ويشمل حكم الأمان نفس المستأمن وأولاده الصغار وماله عند الحنابلة والحنفية استحساناً لأن الإذن بالدخول يقتضي ذلك وقال الشافعية: يدخل في الأمان: مال المستأمن وأهله بلا شرط إن كان الإمام هو الذي أعطى الأمان ويرى المالكية: أن الأمان يتبع الشرط.
صفة الأمان: يرى الحنفية أن الأمان عقد غير لازم حتى لو رأى الإمام المصلحة في النقض نقضه، لأن جوازه عندهم مشروط بتحقيق المصلحة، ويرى جمهور الفقهاء أن الأمان عقد لازم من جانب المسلمين، ويبقى اللزوم مع بقاء عدم الضرر، لأن الأمان حق على المسلم فليس له نبذه إلا لتهمة أو مخالفة.
ما ينتقض به الأمان: إذا كان الأمان مؤقتاً إلى مدة معلومة ينتهي بمضي الوقت من غير حاجة إلى النقض، وإن كان الأمان مطلقاً غير محدد بوقت: فانتقاضه عند الحنفية إما بنقض الإمام لكن يخبرهم بالنقض ثم يقاتلهم، وإما بطلب العدو نقضه. وأجاز جمهور الفقهاء للإمام أن ينبذ عقد الأمان إذا حصل فقط ضرر للمسلمين.
مدة الأمان: إذا دخل الحربي إلى دار الإسلام مستأمناً، لم يمكن من الإقامة فيها سنة فما فوقها، لئلا يصير عيناً للأعداء وعوناً علينا.
أقول: ومدة الإقامة للحربي يقدرها أهل الحل والعقد في دار الإسلام.
ومكان الأمان: دار الإسلام: فللمستأمن التنقل في كل البلاد الإسلامية إلا إذا قيد الأمان في موطن معين أو كان القيد شرعياً، والقيد الشرعي مختلف في تحديده بين الفقهاء ففي رأي أبي حنيفة: يجوز للكافر دخول أي مكان في دار الإسلام. ومنع الشافعية والحنابلة غير المسلم ولو لمصلحة من دخول حرم مكة. وأجاز المالكية لغير المسلم دخول حرم مكة دون البيت الحرام بأمان لمدة ثلاثة أيام أو بحسب الحاجة في تقدير المصلحة من قبل الإمام. ولا يجوز عند المالكية لغير المسلم استيطان جزيرة العرب. وعلى الإمام مراقبة كل أمان يصدر من الأفراد، وعلى التخصيص، أمان المرأة والعبد والصبي ونحوهم، ولكن لا يتوقف عند أكثر الفقهاء نفاذ الأمان على إجازة الإمام.