وقال ابن العربي: "الكذب في الحرب من المستثنى الجائز بالنص رفقاً بالمسلمين لحاجتهم إليه وليس للعقل فيه مجال، ولو كان تحريم الكذب بالعقل ما انقلبت حلالاً".

ومن أدلة ذلك في السيرة: حديث (الحرب خدعة) وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم نعيم بن مسعود أن يخدِّل عن المسلمين ما استطاع.

وحادثة قتل كعب بن الأشرف على يد محمد بن مسلمة، إذ قال محمد لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتحب أن أقتله يا رسول الله؟ قال: نعم، قال: فائذن لي فأقول، قال: "قد فعلت" ... القصة في البخاري ومسلم (?).

ولكن هذا لا يعني جواز الغدر، فالغدر شيء والكذب لمصلحة المعركة شيء آخر، إذ الغدر نقض عهد صادر من المؤمِّن إلى مؤمَّنه، لذا فقد قال عمر بن الخطاب في كتاب بعثه إلى عامل على جيش كان قد بعثه: "وقد بلغني أن رجالاً منكم يطلبون العلج حتى إذا اشتد في الجبل وامتنع يقول: لا تخف، فإذا أدركه قتله، وإني والذي نفسي بيده لا يبلغني أن أحداً فعل ذلك إلا ضربت عنقه".

4 - هل تجوز الاستعانة بكافر في الحرب؟

استعان رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته بمشرك كدليل، واستعار من صفوان بن أمية عارية للاستعانة في حربه ضد هوازن، وورد عنه عليه السلام قوله: "لا أستعين بمشرك"، ولذلك اختلف الفقهاء في جواز الاستعانة بالكافرين في أمر الحرب.

لكن مما لا خلاف فيه أنه لا يصح الاستعانة بكافر له الغلبة على المسلمين، أو كان سيء الرأي فيهم أو يتربص بهم الدوائر. كما لا يجوز أن يكون المسلمون تبعاً للكافر في حربه وقتالهم، لأن ذلك مما ينافي الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، وقيد الفقهاء الاستعانة بالحاجة أخذاً من حديث "لا أستعين بمشرك" أما ما حصل من استعانة رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفوان ونحوها فهي للحاجة، وفي أمر لا يضر بالمسلمين ولا يترتب فيه على المسلمين أمور تخرج بهم عن حد الولاء أو الأمر والقيادة، قال الإمام الكاساني: "ولا ينبغي للمسلمين أن يستعينوا بالكفار على قتال الكفار لأنه لا يُؤمنُ غدرهم، إذ العداوة الدينية تحملهم عليه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015