قال النووي في شرح مسلم: إشعار الهدي علامة له. وهو مستحب ليعلم أن هدي. فإن دخل رده واجده، وإن اختلط بغيره تميز، ولأن فيه إظهار شعار، وفيه تنبيه غير صاحبه على فعل مثل فعله.

وقال النووي: في هذا الحديث استحباب الإشعار والتقليد في الهدايا من الإبل وبهذا قال جماهير العلماء من السلف والخلف. وقال أبو حنيفة: الإشعار بدعة لأنه مثلة، وهذا يخالف الأحاديث الصحيحة المشهورة في الإشعار، وأما قوله: إنه مثلة، فليس كذلك، بل هذا كالفصد والحجامة والختان والكي والوسم، وأما محل الإشعار، فمذهبنا ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف انه يستحب الإشعار في صفحة السنام اليمني، وقال مالك: في اليسرى، وهذا الحديث يرد عليه.

أقول: هناك أفعال يراعى بها ظرف آنيّ ولا يكون لها حكم التشريع الدائم، وهذه الأفعال لا يعرفها إلا المجتهد، والظاهر أن أبا حنيفة اعتبر الإشعار مراعاة لظرف، فإذا انتهى هذا الظرف لم يعد الحكم على حاله، ومن هاهنا كره الإشعار، وهذا الباب الذي ذكرناه لا يعطى إلا لمجتهد إلا تعطلت أحكام الشريعة.

4633 - * روى النسائي عن عائشة (رضي الله عنها) قالت: "إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أشعر بُدْنَهُ".

4634 - * روى البخاري عن المِسْوَرِ بن مخرمة ومروان بن الحكم (رضي الله عنهما) قالا: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحُديبية في بضع عشرة مائةٍ من أصحابه، حتى إذا كانوا بذي الحُليفة قلد رسول الله الهدي، وأشعره، وأحرم بالعمرة".

قال الحافظ في الفتح: وفي هذا الحديث مشروعية الإشعار، وفائدته: الإعلام بأنها صارت هدياً ليتبعها من يحتاج إلى ذلك، حتى لو اختلطت بغيرها تميزت (1)، أو ضلت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015