بلغ الهدي مَحِلَّه، لأنه دم نسك، ولا يجوز الأكل من بقية الهدايا كدماء الكفارات والنذور وهدي الإحصار والتطوع إذا لم يبلغ محله، ومحله: منى أو مكة، وقرر المالكية: أن صاحب الهدايا يأكل منها كلها إلا من أربعة: جزاء الصيد، ونسك الأذى، ونذر المساكين وهدي التطوع إذا عطب قبل محله، فنحره، فإن أكل من هذه الأربعة، فعليه بدل البهيمة إلا النذر المعين للمساكين يضمن فقط بقدر أكله منه، وما سوى هذه الأربعة يجوز لصاحبها الأكل منها مطلقاً: قبل المحل وبعده، وهو كل هدي وجب أو ندب في حج أو عمرة.
والمتطوع به يجوز لصاحبه - كالأضحية- الأكل منه اتفاقاً. ويلزمه التصدق بقدر ما ينطلق عليه الاسم، وهو أقل متموَّل، والأفضل إذا أراد تقسيمه أن يأكل منه ثلثه، ويهدي للأغنياء ثلثه ويتصدق بثلثه، وقال الحنابلة: لا يأكل الإنسان من كل واجب بنذر أو بتعين إلا من هدي التمتع والقرآن دون ما سواهما، ولأن دم المتعة والقرآن دماً نسك فأشبها التطوع، ويستحب أن يأكل من هدي التطوع، والمستحب أن يأكل اليسير منها، وإن أكل مما منع من أكله أو أعطى الجازر منها شيئاً أو باع شيئاً منها أو أتلفه، ضمنه بمثله لحماً، وإن أطعم غنياً مما يجوز له الأكل منه على سبيل الهدية جاز.
قال الحنفية: لا يجوز ذبح هدي المتعة والقرآن إلا في يوم النحر لأنه دم نسك، والصحيح أن يجوز دم التطوع قبل يوم النحر، وذبحه يوم النحر أفضل، ويجوز ذبح بقية الهدايا أي وقت شاء، ولا يجوز ذبح الهدايا إلا في الحرم، وقال المالكية: يجب على المتعمد نحر الهدي بمنى بشروط ثلاثة: إن سبق الهدي في إحرامه بحج، ووقف به بعرفة كوقوفه هو في كونه بجزء من الليل، وكان النحر في أيام النحر، أما فدية المحظور من لبس أو طيب ونحوهما: وهي الشاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام ولو أيام منى فلا تختص بأنواعها الثلاثة بمكان أو زمان فيجوز تأخيرهما لبلده أو غيره في أي وقت شاء.
وقال الشافعية: وقت ذبح الهدي إن كان تطوعاً أو بنذر: وقت الأضحية، أما إن كان بسبب فعل حرام أو ترك واجب فلا يختص بوقت، ومكان الذبح للمحصر مكان حصره أو الحرم، ولغير المحصر: جميع الحرم، وقال الحنابلة: فدية الأذى بحلق رأس أو غيره: في الموضع الذي حلق في، وما عدا فدية الشعر من الدماء يكون بمكة، وأما جزاء الصيد فهو لمساكين الحرم، والأفضل نحر ما وجب بحجٍ بمنى، وما وجب بعمرةٍ بمكة، ويجزئ