الوقوف بعرفة ركن من الحج، والركنية تتحقق بمجرد الوقوف أو المرور ولو لحظة فيما بين ظهر اليوم التاسع وفجر اليوم العاشر، ويجب أن يقضي الحاج لحظة من ليل ولحظة من نهار، والسنة أن يفيض الحجاج من عرفات بعد الغروب ليقفوا في المزدلفة ثم لينطلقوا منها إلى منى فيرموا جمرة العقبة ثم يطوفوا بالبيت الطواف الركن.
والحكمة واضحة في ذلك كله، فأن يجتمع الناس في عرفات فذلك هو الحشد الأكبر للانطلاق بأعظم مسيرة سنوية لتعظيم البيت، والوقوف بمزدلفة راحة للحاج ليصلي بها ويأخذ الحصيات ثم ينطلق منها فيرمي جمرة العقبة إعلاناً منه على أنه حرب لمن حارب الله، فإذا رمى وذبح وحلق حل له أن يلبس أفخر لباسه، فينطلق إلى البيت معظماً له على أكمل هيئة بعد أن أكد إيمانه بالله وحربه للشيطان. والوقوف بعرفات ثم الانطلاق منها إلى ما سواها مظهر من مظاهر التنظيم في عبادة الحج، ولو أننا تأملنا أفعال الحج لرأينا التنظيم العفوي على أكمل ما يكون: فالإقامة يعني يوم التروية ثم الخروج إلى عرفات. ثم المبيت بمزدلفة ثم المبيت بمنى يخفف الضغط عن مكة، عدا عن كونه يرمز إلى معان متعددة، فتجمع عظيم للانطلاقة إلى إعلان حرب الشيطان ثم تعظيم البيت بالطواف لا تخفى حكمته.
وعرفة كلها موقف، فمن وقف بعرفة في أي مكان فقد تم حجه مطلقاً من غير تعيين موضع دون موضع إلا أنه ينبغي ألا يقف في بطن عُرنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك. ولا يجزيء الوقوف بل عرفة كنمرة مثلاً.
وحد عرفة: من الجبل المشرف على عرنة إلى الجبال المقابلة له إلى ما يلي حوائط بني عامر، وهي الآن معروفة بحدود معينة، وليس منها عُرنة ولا نَمِرة، ومسجد إبراهيم عليه الصلاة والسلام فإن آخره منها وصدره من عرنة.
ومن وقف بعرفة قبل الزوال وأفاض منها قبل الزوال لا يعتد بوقوفه بالإجماع، وفاته الحج إن لم يرجع فيقف بعد الزوال أو جزءاً من ليلة النحر قبل طلوع الفجر.
والوقوف بالمزدلفة واجب باتفاق المذاهب لا ركن، فمن تركه لزمه دم. وأما إتيان