الشاميان. فالركن الأسود فيه فضيلتان، إحداهما: كونه على قواعد بناء إبراهيم. والثانية: كونه فيه الحجر السود. وأما اليماني: ففيه فضيلة واحدة، وهي كونه على قواعد إبراهيم عليه السلام. وأما الركنان الآخران: فليس فيهما شيء من هاتين الفضيلتين، فلهذا خص الحجر الأسود بشيئين: الاستلام والتقبيل، للفضيلتين، وأما اليماني: فيستلمه ولا يقبله، لأن فهي فضيلة واحدة. وأما الركنان الآخران: فلا يقبلان، لا يستلمان، والله أعلم.
وقد أجمعت الأمة على استحباب استلام الركنين اليمانيين، واتفق الجماهير على أنه لا يمسح الركنين الآخرين، واستحبه بعض السلف. وممن كان يقول باستلامهما: الحسن والحسين ابنا علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وابن الزبير، وجابر بن عبد الله، وأنس ابن مالك، وعروة بن الزبير، وأبو الشعثاء جابر بن زيد رضي الله عنهم. قال القاضي أبو الطيب: أجمعت أئمة الأمصار والفقهاء على أنهما لا يستلمان، قال: وإنما كان فيه خلاف لبعض الصحابة والتابعين، وانقرض الخلاف، وأجمعوا على أنهما لا يستلمان. والله أعلم. [انظر الفتح: (3/ 474 - 475)].
4363 - * روى الترمذي عن عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما) قال أبو الطُّفيل: "كُنتُ مع ابن عباس، ومعاويةُ لا يمرُّ بركنٍ إلا استلمه، فقال له ابن عباس: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يستلمُ إلا الحجر الأسود والركن اليماني، فقال معاوية: ليس شيء من البيت مهجوراً".
وفي رواية (?) مسلم: أنه سمع ابن عباس يقول: "لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمُ غير الركنين اليمانيين".
وفي رواية (?) للبخاري عن أبي الشعثاء- جابر بن زيد - قال: "ومن يتقي شيئاً من البيت؟ وكان معاويةُ يستلم الأركان، فقال له ابن عباس: إنه لا يستلم هذان الركنان،