بلغَ أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قُريشاً تقول: ما يتباعثون من العَجْفِ، فقال أصحابُه: لو انتحرْنا منْ ظهرنا فأكلْنا منْ لحْمِهِ وحسوْنا من مرقِه لأصبحنا غداً حين ندْخُل على القوم وبنا جَمامةً. قال: لا تفعلوا ولكن اجمعُوا لي منْ أزوادِكُم، فجمعوا له وبسطوا الأنطاع فأكلُوا حتى تولَّوْا وحثا كُلُّ واحدٍ منهم في جرابِه ثمَّ أقْبَل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل المسجد وقعدتْ قريشٌ نحو الحِجْرِ فاضطبع بردائه ثم قال: لا يرى القومُ فيكم غميزة فاستلم الرُّكْن ثم دخل حتى إذا تغيب بالرُّكن اليماني مشى إلى الرُّكْنِ الأسود فقالت قريشٌ ما يرضون بالمشي أما إنهم لينقِزون نقْزَ الظِّباء ففعل ذلك ثلاثة أشواطٍ فكانت سُنَّةً، قال أبو الطُّفيل فأخبرني ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم فعَلَ ذلك في حجَّةِ الوداعِ".
4351 - * روى مسلم عن أبي الطُّفَيلِ (رضي الله عنه) قال: قلت لابن عباس: "أرأيْتَ هذا الرَّمَلَ بالبيتِ ثلاثة أطوافٍ، ومشيّ أربعةِ أطواف: أسْنُّةٌ هو؟ فإن قومك يزعمون أنه سُنة، قال: فقال: صدقوا وكذبوا، قال: قلتُ: ما قولك: صدقوا وكذبوا؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَدِمَ مكة، فقال المشركون: إن محمداً وأصحابه لا يستطيعون أني طوفوا بالبيت من الهُزالِ، وكانوا يحسُدونه، قال: فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن يرمُلوا ثلاثاً، ويمشُوا أربعاً، قال: قلت له: أخبرني عن الطوافِ بين الصفا والمروة راكباً: أسُنةٌ هو؟ فإن قومك يزعمون أنه سُنة، قال: صدقوا وكذبوا، قال: قلت: وما قولك: صدقوا وكذبوا؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثُرَ عليه الناسُ، يقولون: هذا محمدٌ، هذا محمدٌ، حتى خرج العواتِقُ من البيوت، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُضْرَبُ الناس بين يديه، فلما كثُر عليه ركب، والمشيُ والسعيُ أفضلُ".
وفي رواية أبي داود (?) قال: قلت لابن عباس: "يزعُم قومُك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رملَ بالبيت، وأن ذلك سُنةٌ؟ قال: صدقوا وكذبوا، قلت: ما صدقوا، وما كذبوا؟ قال: صدقوا: قد رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذبوا: ليس بسُنةٍ، إنَّ قريشاً قالت - زمن